للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بما أخرجه البخارى وغيره من حديث عائشة أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أعتم بالعشاء حتى ناداه عمر نام النساء والصبيان ولم ينكر عليهم. وبحديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم شغل عنها ليلة فأخرها حتى رقدنا في المسجد ثم استيقظنا ثم رقدنا ثم استيقطنا ثم خرج علينا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم "الحديث" ولم ينكر عليهم (قال) ابن سيد الناس وما أرى هذا من هذا الباب ولا نعاسهم في المسجد وهم في انتظار الصلاة من النوم المنهى عنه وإنما هو من السنة التى مبادئُ النوم أفاده في النيل

(قوله والحديث بعدها) أى كان صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يكره التحدّث بكلام الدنيا بعد صلاة العشاء لا بعد دخول وقتها ليكون آخر عمله عبادة فإن النوم أخو الموت (وممن) قال بكراهة التحدّث بعد صلاة العشاء جماعة منهم سعيد بن المسيب قال لأن أنام عن العشاء أحب إلىّ من اللغو بعدها (وكان) عمر بن الخطاب يضرب الناس على ذلك ويقول أسمر أول الليل ونوما آخره وذلك لأنه يؤدى إلى السهر فيخشى منه إذا نام أن يفوته قيام الليل أو صلاة الصبح في وقتها المختار أو الجائز ولأن السهر في الليل سبب للكسل في النهار عما يطلب من حقوق الدين والطاعات والمصالح الأخرى (وقال) النووى ومن المحرّم قراءة نحو سيرة البطال وعنترة وغيرهما من الأخبار الكاذبة وأما الحديث في خير أو لعذر فلا كراهة فيه اهـ (وقال) الحافظ إن هذه الكراهة مخصوصة بما إذا لم يكن في أمر مطلوب اهـ ومن هذا يعلم أن المكروه من الحديث بعد العشاء ما كان في أمور لا مصلحة فيها أما ما فيه مصلحة كمدارسة علم وحكايات الصالحين ومحادثة الرجل أهله وأولاده ومحادثة المسافرين لحفظ متاعهم أو أنفسهم أو الحديث في مصالح المسلمين فلا كراهة فيه لما روى الترمذى من حديث عمر أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يسمر هو وأبو بكر في الأمر من أمور المسلمين وأنا معهم

(قوله ويعرف أحدنا جليسه) أى بعد الانصراف من صلاة الصبح ويؤيد هذا ما في رواية مسلم وكان يصلى الصبح فينصرف الرجل فينظر إلى وجه جليسه الذى يعرف فيعرفه وما في رواية البخارى من طريق عوف وكان ينفتل من صلاة الغداة حين يعرف الرجل جليسه وفى بعض النسخ وما يعرف أحدنا جليسه بزيادة ما النافية، وعلى فرض صحتها فيحمل عدم المعرفة على ما قبل الشروع في الصلاة والمعرفة على ما بعد الفراغ منها

(قوله وكان يقرأ فيها من الستين إلى المائة) أى أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يقرأ بهذا القدر من الآيات وربما يزيد وقدّرها في رواية للطبراني بسورة الحاقة (واستدلّ) بهذا الحديث من قال يستحب التعجيل بصلاة الصبح لأن ابتداء معرفة الإنسان وجه جليسه يكون في أواخر الغلس. وقد صرّح بأن ذلك كان عند الفراغ من الصلاة. وكان من عادته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ترتيل القراءة وتعديل الأركان فمقتضى ذلك أنه كان يدخل فيها مغلسا (وادعى) الزين ابن المنير أنه مخالف لحديث عائشة الآتى

<<  <  ج: ص:  >  >>