وهو دعاء عليهم أخرجه في صورة الخبر تأكيدا وإشعارا بأنه من الدعوات المجابة. وعبر بالماضى ثقة بالاستجابة فكأنه أجيب سؤاله فأخبر عن وجود إجابته ووقوعها (وقال) الطيبى أى جعل الله النار ملازمة لهم في الحياة والممات وعذبهم في الدنيا والآخرة. وقيل أراد عذاب الدنيا من تخريب البيوت ونهب الأموال وسبي الأولاد وعذاب الآخرة باشتعال قبورهم نارا. وقيل هو من باب المشاكلة لذكر النار في البيوت أو استعيرت النار للفتنة، وعلى هذا فلا يستشكل أن دعاءه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قد أجيب في أحد الشقين دون الآخر اهـ
(فقه الحديث) والحديث يدلّ على جواز وقوع إيذاء الكافر للمسلم في الدنيا التي هى دار أكدار، وعلى جواز حصول الأعراض البشرية التى ليس فيها نقص لأفضل المرسلين صلوات الله وسلامه عليهم وعلى آلهم أجمعين، وعلى جواز الدعاء على الظالم بما يليق بظلمه، وعلى أن الصلاة الوسطى هى صلاة العصر، وعلى أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأصحابه أخروا صلاة العصر عن وقتها لاشتغالهم بالعدوّ لما في رواية أحمد والنسائى عن أبى سعيد أنهم شغلوه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن الظهر والعصر والمغرب وصلوا بعد هوىّ من الليل وذلك قبل أن ينزل الله في صلاة الخوف فرجالا أو ركبانا. وما رواه الترمذى والنسائى عن ابن مسعود أنهم شغلوه عن أربع صلوات يوم الخندق حتى ذهب من الليل ما شاء الله. وفى قوله أربع تجوّز لأن العشاء لم تفت. ومقتضى حديث على وجابر في الصحيحين أنه لم يفت غير العصر فمال ابن العربى إلى الترجح فقال إنه الصحيح، وجمع النووى بأن وقعة الخندق دامت أياما فكان هذا في بعض الأيام وذاك في بعضها الآخر. وتأخيره للصلاة يحتمل أنه كان عمدا لاشتغاله بالعدوّ وكان قبل نزول صلاة الخوف فكان هذا عذرا له, ويحتمل أنه نسيها لاشتغاله بالعدوّ. وتقدم في رواية مسلم أنه صلاها بين المغرب والعشاء. وأما اليوم فلا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها للقتال بل تصلى صلاة الخوف على حسب الحال
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه البخارى ومسلم والترمذى والنسائى