مستحاضة يجب عليها الاغتسال لكل صلاة، وإنما هي فيمن تبتلى وهي لا يتميز دمها، أو كانت لها أيام فنسيتها، فهي لا تعرف موضعها، ولا عددها , ولا وقت انقطاع الدم عنها من أيامها المتقدمة، فإذا كانت كذلك فإنها لا تدع شيئًا من الصلاة، وكان عليها أن تغتسل عند كل صلاة، لأنه قد يمكن أن يكون ذلك الوقت قد صادف زمان انقطاع دمها، فالغسل عليها عند ذلك واجب، ومن كان هذا حالها من النساء لم يأتها زوجها في شيء من الأوقات، لإمكان أن تكون حائضًا، وعليها أن تصوم شهر رمضان كله مع الناس، وتقضيه بعد ذلك، لتحيط علمًا بأن قد استوفت عدد ثلاثين يومًا في وقت كان لها أن تصوم فيه، وان كانت حاجّة طافت طوافين بينهما خمسة عشر يومًا، لتكون على يقين من وقوع الطواف في وقت حكمها فيه حكم الطهارة، وهذا على مذهب من رأى أكثر أيام الحيض خمسة عشر يومًا، انتهى.
قلت: أخرج مسلم في "صحيحه"(١) من طريق الليث عن يزيد بن أبي حبيب، عن جعفر، ومن طريق بكر بن مضر، قال: حدثني جعفر بن ربيعة في قصة أم حبيبة بنت جحش، وفيه: فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك، ثم اغتسلي وصلي"، فهذه الرواية تدل على أنها كانت معتادة أو مميزة، فكيف يمكن أن يأمرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجوبًا بالاغتسال لكل صلاة للتطهير، وقد طهرت من المحيض واغتسلت؟ ولو كان قابلًا للحجة فلا يخلو إما أن يكون الأمر لكل صلاة محمولًا على العلاج، أو للندب، أو لإزالة الدم من الجسد، أو لتقليل النجاسة فقط، والله أعلم.