للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

النوافل، وقال مالك في أحد قوليه: يتوضأ لكل صلاة، واحتجَّا بما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "المستحاضة تتوضأ لكل صلاة" (١)، فمالكٌ عمل بمطلق اسم الصلاة، والشافعي قَيّده بالفرض, لأنه الصلاة المعهودة، ولأن طهارة المستحاضة ضرورية, لأنه قارنها ما ينافيها أو طرأ عليها، والشيء لا يبقى مع المنافي، إلَّا أنه لم يظهر حكم المنافي لضرورة الحاجة إلى الأداء، والضرورة إلى أداء فرض الوقت، فإذا فرغ من الأداء ارتفعت الضرورة، فظهر حكم المنافي، والنوافل أتباع الفرائض, لأنها شرعت لتكميلها وجبرًا للنقصان فيها، فكانت ملحقة بأجزائها، والطهارة الواقعة لصلاة واقعة لها بجميع أجزائها بخلاف فرض آخر, لأنه ليس بتبع بل هو أصل بنفسه.

ولنا ما روى أبو حنيفة بإسناده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "المستحاضة تتوضأ لوقت كل صلاة"، وهذا نص في الباب، ولأن العزيمة شغل جميع الوقت بالأداء شكرًا للنعمة إلَّا أنه جوز ترك شغل بعض الوقت بالأداء رخصة وتيسيرًا، فضلًا ورحمة، وجعل ذلك شغلًا لجميع الوقت حكمًا، فصار وقت الأداء شرعًا بمنزلة وقت الأداء فعلاً، ثم قيام الأداء مبقٍ للطهارة فكذلك الوقت القائم مقامه.

وما رواه الشافعي فهو حجة عليه, لأن مطلق الصلاة ينصرف إلى المعهودة المتعارفة كما في قوله "الصلاة عماد الدين" ونحو ذلك، والصلاة المعهودة هي الصلوات الخمس في اليوم والليلة فكأنه قال: المستحاضة تتوضأ في اليوم والليلة خمس مرات، فلو أوجبنا عليها الوضوء لكل صلاة أو لكل فرض تقضي لزاد على الخمس بكثير، وهذا خلاف النص، ولأن


(١) أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (١٣٥٤، ١٣٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>