والفرق بينهما بأن سلمة بن كهيل ذكر في حديثه غاية المسح، فقال:"ومسح بها وجهه وكفيه إلى المرفقين أو إلى الذراعين"، وأما الحكم فلم يذكر غاية المسح في حديثه، وقال:"وتمسح بهما وجهك وكفيك"، فاقتصر على ذكر مسح الكفين ولم يذكر غاية المسح، وزيادة الثقة مقبولة، لأنه لا تنافي بينهما، فإن المسح على المرفقين يشتمل مسح الكفين، وهو متضمنه، فتقبل زيادة سلمة بن كهيل.
فإن قلت: قد شك سلمة في هذه الزيادة كما تقدم من شعبة، قال:"لاأدري فيه إلى المرفقين - يعني - أو إلى الكفين".
قلت: قد تقدم أن القول الصحيح المحقق أن سلمة شك في لفظ الغاية أنها إلى المرفقين أو إلى الذراعين، وأما الشك في لفظ إلى المرفقين أو إلى الكفين فلم يتحقق، فإن الحديث الذي ذكر شعبة فيه ذلك الشك فلفظه:"وضرب النبي -صلى الله عليه وسلم - بيده إلى الأرض، ثم نفخ فيها ومسح بها وجهه وكفيه"، فلا معنى ههنا لقوله:"إلى الكفين"، حتى يقع الشك في لفظ "إلى المرفقين" أو لفظ "إلى الكفين"، ويدل عليه زيادة لفظ "يعني"، فإن زيادة لفظ "يعني" تدل دلالة واضحة على أن سلمة لم يقل: أو إلى الكفين، بل شعبة فهم من كلامه أن الشك واقع في "إلى المرفقين" أو "إلى الكفين"، وفهم شعبة ليس بحجة، والصحيح ما رواه حجاج الأعور عن شعبة، وفيه أن الشك في "إلى المرفقين" أو "إلى الذراعين".
فثبت بهذا التقرير أن سلمة بن كهيل ليس بشاك في المرفقين والكفين، بل هو شاك في المرفقين والذراعين، وهذا الشك لا يضر, لأن هذا الشك واقع في لفظ الغاية بأن لفظ الغاية كان إما المرفقين أوالذراعين، وهذا شك في اللفظ فقط لا في المعنى.