للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

لا يفوت وقت العشاء إلى الفجر، وإليه ذهب عطاء وطاوس وعكرمة، وبه قال الحنفية لما روى أبو هريرة: "وأول وقت العشاء حين يغيب الشفق وآخره حين يطلع الفجر" استدل به صاحب "البدائع" (١) من الحنفية، ولم أقف على هذا الحديث في كتب الحديث، واستدلوا أيضًا أن الوتر من توابع العشاء ويؤدى في وقتها، وأفضل وقتها السحر، فدل ذلك على أن السحر آخر وقت العشاء.

وقال الشوكاني في "النيل" (٢): الحق أن آخر وقعت اختيار العشاء نصف الليل، وأما وقت الجواز والاضطرار (٣) فهو ممتد إلى الفجر لحديث أبي قتادة عند مسلم وفيه: "أن ليس في النوم تفريط إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى"، فإنه ظاهر في امتداد وقت كل صلاة إلى دخول وقت الصلاة الأخرى إلَّا صلاة الفجر (٤)، فإنها مخصوصة من هذا العموم بالإجماع، انتهى.

وأما أول وقت الفجر فحين يطلع الثاني، والتقييد بالفجر الثاني, لأن الفجر الأول هو البياض المستطيل يبدو في ناحية من السماء، وهو المسمى بذنب السرحان عند العرب، ثم ينكتم، ولهذا يسمى فجرًا كاذبًا، وهذا الفجر لا يحرم به الطعام على الصائم، ولا يخرج به وقت العشاء، ولا يدخل به وقت الفجر، والفجر الثاني هو المستطير المعترض في الأوفق لا يزال يزداد نوره، وهذا يسمى فجرًا صادقًا يخرج به وقت العشاء، ويدخل به وقت صلاة الفجر، وهذا لم يختلف فيه.

وأْما آخر وقت الفجر فذهب الشافعي إلى أنه الإسفار، وذلك لأصحاب


(١) (١/ ٣٢١).
(٢) (٢/ ٤٢٢).
(٣) وكذا قال ابن رسلان، واستدل بهذا الحديث. (ش).
(٤) قال ابن رسلان: خرجنا عن مقتضاها في الصبح بدليل، فبقي غيره على مقتضاها. (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>