للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صَلَاتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ التَغْلِيسَ حَتَّى مَاتَ، وَلَمْ يَعُدْ إِلَى أَنْ يُسْفِرَ". [خ ٥٢٢، م ٦١٠، ن ٤٩٤، جه ٦٦٨، ق ١/ ٣٦٣، خزيمة ٣٥٢، ط ١/ ٣/ ١، قط ١/ ٢٥٠]

===

صلاته بعد ذلك التغليس حتى مات، ولم يعد) الظاهر بضم العين من عاد يعود، ويحتمل أن يكون من عدا يعدو (إلى أن يسفر).

وهذا يدل على أن الأفضل في الفجر التغليس، وبهذا قال مالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور والأوزاعي، وهو المروي عن عمر وعثمان وابن الزبير وأنس وأبي موسى وأبي هريرة.

وذهب الكوفيون وأبو حنيفة وأصحابه والثوري والحسن بن حي وأكثر العراقيين، وهو مروي عن علي وابن مسعود - رضي الله عنهما- إلى أن الإسفار أفضل، واحتجوا بحديث: "أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر"، رواه الخمسة (١)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

ويمكن أن يجاب (٢) عن تغليسه - صلى الله عليه وسلم - بأن التغليس فعله - صلى الله عليه وسلم -، والإسفار أمره للأمة، ولعل تغليسه - صلى الله عليه وسلم - كان لأجل أن الزمان كان زمان خير، وكان الصحابة يحضرون أول وقت الصلاة، بل قبل ذلك، فلو أسفر بهم لأدى ذلك إلى الضجر والتعب، فلذلك العارض اختار - صلى الله عليه وسلم - التغليس.

وأما جوابهم عن حديث الإسفار بأن المراد من الإسفار تحقق الفجر بحيث لا يبقى في طلوعه شك وشبهة، فيأباه لفظ الحديث ويرده، فإنه إذا صلى في وقت لم يتحقق فيه الفجر، وبقي فيه شك في أن الفجر طلع أو لم يطلع لا يجوز صلاته، فأعظمية الأجر لا يتحقق إلَّا فيما كان في جانب المفضل عليه شيء من الأجر، وإذا صلى شاكًّا في الوقت لا يجوز صلاته، ولا يكون له شيء


(١) "سنن أبي داود" (٤٢٤)، و"سنن الترمذي" (١٥٤)، و"سنن النسائي" (٥٤٧)، و"سنن ابن ماجه" (٦٧٢)، و"مسند أحمد" (٤/ ١٤٢).
(٢) ويمكن أن يقال: المراد نفي الإسفار الشديد، أو نفي الشروع في الإسفار، كما هو مختار الطحاوي، أي الشروع في الغلس والفراغ في الأسفار. (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>