قال:"سَأَلْنَا جَابِرًا عَنْ وَقْتِ صَلَاةِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم-, فَقَالَ: كَانَ يُصَلِّى الظُّهْرَ بِالْهَاجِرَةِ,
===
(قال: سألنا جابرًا) أي ابن عبد الله الأنصاري الصحابي (عن وقت علاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال) أي جابر: (كان يصلي الظهر بالهاجرة). قال في "القاموس": والهَجِيرُ والهَجِيْرَةُ والهَجْرُ والهاجِرَةُ: نصفُ النهار عند زوال الشمس مع الظُّهْرِ، أو من عند زوالها إلى العَصْر, لأن الناس يستكِنُّون في بيوتهم، كأنهم قد تهاجروا، وشدةُ الحر، انتهى، وهذا بظاهره يعارض ما أمر به من الإبراد.
والجواب عنه ما قاله الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (١)، ما حاصله: ذهب قوم إلى استحباب تعجيل الظهر في الزمان كله في أول وقتها، واحتجوا بالأحاديث الدالة عليه، منها هذا الحديث، ومنها حديث خباب: "شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حر الرمضاء بالهجير فما أشكانا"، ومنها حديث عائشة -رضي الله عنها -: "ما رأيت أحدًا أشد تعجيلًا لصلاة الظهر من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ما استثنت أباها ولا عمر - رضي الله عنهما-"، وكذلك الأحاديث الآخر المروية في هذا الباب.
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا: أما في أيام الشتاء فيعجل بها، وأما في أيام الصيف فيؤخر، واحتجوا في ذلك بالأحاديث الواردة في الإبراد المروية عن أبي ذر وأبي سعيد وأبي هريرة وأبي موسى.
وقال: قد روي أن تعجيل الظهر في الحر قد كان يفعل، ثم نسخ، دل عليه حديث المغيرة بن شعبة، قال: "صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الظهر بالهجير، ثم قال: إن شدة الحر من فيح جهنم فأبردوا بالصلاة"، فأخبر المغيرة في حديثه هذا أن أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالإبراد بالظهر بعد أن كان يصليها في الحر، فثبت بذلك نسخ تعجيل الظهر في شدة الحر، ووجب استعمال الإبراد