للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَتَّى رَأَيْنَا فَيْءَ التُّلُولِ،

===

أي صدر إرادة المؤذن الأذان وتهيؤه للأذان، وقوله - صلى الله عليه وسلم - له: "أبرد" مرتين أو ثلاثًا.

قال الحافظ في "الفتح" (١): فإن قيل: الإبراد للصلاة فكيف أمر المؤذن به للأذان؟ فالجواب: أن ذلك مبني على أن الأذان هل هو للوقت أو للصلاة؟ وفيه خلاف مشهور، والأمر المذكور يقوي القول بأنه للصلاة، وأجاب الكرماني (٢) بأن عادتهم جرت بأنهم لا يتخلفون عند سماع الأذان عن الحضور إلى الجماعة، فالإبراد بالأذان لغرض الإبراد بالعبادة.

(حتى رأينا فيء التلول) قال الحافظ: هذه الغاية متعلقة بقوله: "فقال له: أبرد" أي كان يقول له في الزمان الذي قبل الرؤية: أبرد، أو متعلقة بأبرد، أي قال له: أبرد إلى أن ترى، أو متعلقة بمقدر، أي قال له: أبرد فأبرد إلى أن رأينا.

والفيء بفتح الفاء وسكون الياء بعدها همزة: هو ما بعد الزوال من الظل، والتلول جمع تل بفتح المثناة وتشديد اللام: كل ما اجتمع على الأرض من تراب أو رمل أو نحو ذلك، وهي في الغالب منبطحة غير شاخصة فلا يظهر لها ظل إلَّا إذا ذهب أكثر وقت الظهر.

وقد اختلف العلماء في غاية الإبراد، فقيل: حتى يصير الظل ذراعًا بعد ظل الزوال، وقيل: ربع قامة، وقيل: ثلثها، وقيل: نصفها، وقيل غير ذلك.

وأما ما وقع عند المصنف في الأذان بلفظ: "حتى ساوى الظل التلول" فظاهره يقتضي أنه أخرها إلى أن صار ظل كل شيء مثله، ويحتمل (٣) أن يراد


(١) "فتح الباري" (٢/ ٢٠).
(٢) قال ابن رسلان: لو جمعوا بعد الأذان ينبغي أن يبرد بالأذان وإلَّا فيؤذن أول الوقت. (ش).
(٣) قلت: وهل هو إلَّا تأييد لمذهبه. (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>