بهذه المساواة ظهور الظل بجنب التل بعد أن لم يكن ظاهرًا، فساواه في الظهور لا في المقدار، أو يقال: قد كان ذلك في السفر، فلعله أخر الظهر حتى يجمعها مع العصر.
(ثم قال: إن شدة الحر من فيح جهنم) أي من سعة انتشارها وتنفسها، ومنه مكان أفيح أي متسع، وهذا كناية عن شدة استعارها، وظاهره أن مثار وهج الحرِّ في الأرض من فيح جهنم حقيقة، وقيل: هو من مجاز التشبيه أي كأنه نار جهنم في الحر، والأول أولى، ويؤيده الحديث الآتي: "اشتكت النار إلى ربها فأذن لها بنفسين" "فتح" (١).
وهذا تعليل لمشروعية التأخير المذكور، وهل الحكمة فيه دفع المشقة لكونها قد تسلب الخشوع؟ وهذا أظهر، أو كونها الحالة التي ينتشر فيها العذاب؟ ويؤيده حديث مسلم حيث قال: "أقصر عن الصلاة عند استواء الشمس، فإنها ساعة تسجر فيها جهنم".
وقد استشكل هذا بأن الصلاة سبب الرحمة ففعلها مظنة لطرد العذاب، فكيف أمر بتركها؟ وأجاب عنه أبو الفتح بأن التعليل إذا جاء من جهة الشارع وجب قبوله وإن لم يفهم معناه.
واستنبط له الزين بن المنير معنى يناسبه فقال: وقت ظهور أثر الغضب لا ينجع فيه الطلب إلَّا من أذن له فيه، والصلاة لا تنفك عن كونها طلبًا ودعاءً فناسب الاقتصار عنها حينئذ، واستدل بحديث الشفاعة حيث اعتذر الأنبياء كلهم للأمم سوى نبينا - صلى الله عليه وسلم - فلم يعتذر، بل طلب لكونه أذن له في ذلك.
قلت: وهذا التعليل يرد قول الشافعية في تأويل هذا الحديث بأنه - صلى الله عليه وسلم - أخّرها ليجمعها مع العصر، فإن التأخير المندوب إليه لا يختص بالسفر، وأما