للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال العيني (١) ما ملخصه: إنهم اختلفوا في معنى الإدراك هل هو للحكم أو للفضل أو للوقت في أقل من ركعة؟ فذهب مالك وجمهور الأئمة، وهو أحد قولي الشافعي إلى أنه لا يدرك شيئًا من ذلك بأقل من ركعة، متمسكين بلفظ الركعة، وذهب أبو حنيفة وأبو يوسف والشافعي في قول إلى أنه يكون مدركًا لحكم الصلاة.

فإن قلت: قيد في الحديث بركعة فينبغي أن لا يعتبر أقل منها؟ قلت: قيد الركعة فيه خرج مخرج الغالب، فإن غالب ما يمكن معرفة الإدراك به ركعة أو نحوها، حتى قال بعض الشافعية: إنما أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذكر الركعة البعض من الصلاة, لأنه روي عنه: "من أدرك ركعة من العصر"، و"من أدرك ركعتين من العصر"، و"من أدرك سجدة من العصر"، فأشار إلى بعض الصلاة مرة بركعة، ومرة بركعتين، ومرة بسجدة، والتكبيرة في حكم الركعة لأنها بعض الصلاة، فمن أدركها فكأنه أدرك ركعة.

واستدل أبو حنيفة ومن تبعه بالحديث المذكور على أن آخر وقت العصر هو غروب الشمس, لأن من أدرك فيه ركعة أو ركعتين مدرك له، فإذا كان مدركًا يكون ذلك الوقت من وقت العصر, لأن معنى قوله: "فقد أدرك" أدرك وجوبها، حتى إذا أدرك الصبي أو أسلم الكافر أو أفاق المجنون أو طهرت الحائض قبل غروب الشمس تجب عليه صلاة العصر، ولو كان الوقت الذي أدركه جزءًا يسيرًا لا يسع فيه الأداء، وكذلك الحكم قبل طلوع الشمس. وقال زفر: لا يجب ما لم يجد وقتًا يسع الأداء فيه حقيقة، وعن الشافعي قولان فيما إذا أدرك دون ركعة كتكبيرة مثلًا: أحدهما: لا يلزمه، والآخر: يلزمه، وهو أصحهما.

وفي الحديث (٢) دليل صريح على أن من صلَّى ركعة من العصر، ثم خرج الوقت قبل سلامه لا تبطل صلاته، بل يتمها، وهذا بالإجماع، وأما في الصبح


(١) "عمدة القاري" (٤/ ٦٩).
(٢) وراجع: "عمدة القاري" (٤/ ٦٩)، و"مشكل الآثار" (١٠/ ١٤١). (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>