أبي هند، عن أبي نضرة) منذر بن مالك، (عن أبي سعيد الخدري قال: صلينا) أي أردنا أن نصلي مع (رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة العتمة) أي جماعة (فلم يخرج) أي من بيته إلى المسجد (حتى مضى نحو) أي قريب (من شطر الليل) أي نصفه، ثم خرج (فقال: خذوا مقاعدكم) أي الزموا محل قعودكم لاْبين لكم فضيلة التأخير.
(فأخذنا مقاعدنا) أي لزمنا مكاننا، فبين لنا فضيلة التأخير لوجهين (فقال: ) أولهما (إن الناس) أي المعذورين والنساء والصبيان (قد صلوا) أي فرغوا من الصلاة (وأخذوا مضاجعهم) أي رقدوا (وإنكم) أي المنتظرين لصلاة الجماعة (لم تزالوا في صلاة) أي في أجرها وثوابها (ما) أي ما دمتم (انتظرتم الصلاة) وحاصل هذا الكلام أن انتظاركم الصلاة عبادة موجبة للأجر والثواب، وأيضًا فيه تعب ومشقة، فيكون سببًا لزيادة الأجر، فحصل لكم لهذا الانتظار أجر عظيم.
(و) ثانيهما (لولا ضعف الضعيف) أي مخافته ورعايته (وسقم السقيم لأخرت هذه الصلاة) أي صلاة العشاء (إلى شطر الليل) أي نصفه, لأنه أفضل.
وحاصل الوجه الثاني أن تأخير العشاء إلى نصف الليل أدخل في الفضيلة، ولكن رعاية جانب الضعفاء وذوي الأسقام الذين يقدرون على الحضور في الجماعة، ولكن لأجل ضعفهم وسقمهم يشق عليهم الانتظار ويتعبهم، فلأجل هذا العذر لا أؤخرها إلى نصف الليل، فإن في إحراز تلك الفضيلة تفويت فضيلة أخرى هي أهم منها، وهي تكثير الجماعة، والله أعلم.