للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِنَ الْغَلَسِ". [خ ٨٦٧، م ٦٤٥، ن ٥٤٦، ت ١٥٣، جه ٦٦٩، حم ٦/ ١٧٨، حب ١٤٩٩، ق ١/ ٤٥٤]

===

(من الغلس) من أجلية، والغلس: ظلمة آخر الليل، استعمل على الاتساع فيما بقي منه بعد الصباح، وقيل: من غلس المسجد أي من أجل ظلمته وعدم إسفاره, لأنه كان مسقفًا، فلا يظهر النور فيه إلَّا بطلوع الشمس.

اختلف العلماء في أن الأفضل في صلاة الفجر التغليس أو الإسفار، فقال الشافعي والجمهور بالتغليس، واحتجوا بقوله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} (١)، والتعجيل من باب المسارعة إلى الخير، وذم الله تعالى أقوامًا على الكسل بقوله: {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى} (٢)، والتأخير من الكسل.

وروي أنه سئل عن أفضل الأعمال فقال: "الصلاة لأول وقتها وروي: "أول الوقت رضوان الله"، وبهذا الحديث الذي أخرجه المصنف - رحمه الله-.

وقال الحنفية: المستحب في الفجر الإسفار، وهو أفضل من التغليس بصلاة الفجر في السفر والحضر والصيف والشتاء في حق جميع الناس إلَّا في حق الحاج بمزدلفة، فإن التغليس بها أفضل في حقه.

واستدلوا بالحديث الذي يخرجه المصنف عن رافع بن خديج فيما بعد من قوله: "أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر وبما قال عبد الله بن مسعود: "ما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة قبل ميقاتها إلَّا صلاتين: صلاة العصر بعرفة، وصلاة الفجر بمزدلفة"، فإنه قد غلس بها، فسمى التغليس بالفجر صلاة قبل الميقات، فعلم أن العادة في الفجر الإسفار، وعن إبراهيم النخعي أنه قال: ما اجتمع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على شيء كاجتماعهم على تأخير العصر والتنوير بالفجر.

ولأن في التغليس تقليل الجماعة، وفي الإسفار تكثيرها، فكان أفضل،


(١) سورة آل عمران: الآية ١٣٣.
(٢) سورة النساء: الآية ١٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>