للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ولهذا يستحب الإبراد بالظهر في الصيف، ولأن في حضور الجماعة في هذا الوقت ضرب حرج خصوصًا في حق الضعفاء، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "صلِّ بالقوم صلاة أضعفهم"، ولذلك ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تأخير صلاة العشاء إلى نصف الليل، وقال: "لولا ضعف الضعيف وسقم السقيم لأخرت هذه الصلاة إلى شطر الليل".

وأما الجواب عما احتجوا بها فنقول بها في بعض الصلوات على ما نذكر، لكن قامت الدلائل في بعضها على أن التأخير أفضل لمصلحة وجدت في التأخير، ولهذا قال الشافعي بتأخير العشاء إلى ثلث الليل، لئلا يقع في السمر بعد العشاء، ثم الأمر بالمسارعة ينصرف إلى مسارعة ورد الشرع بها، ألا ترى أن الأداء قبل الوقت لا يجوز، وإن كان فيه مسارعة لما لم يرد الشرع بها.

وقيل: في الحديث أن العفو عبارة عن الفضل، قال الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} (١) أي الفضل، فكان معنى الحديث على هذا - والله أعلم- أن من أدى الصلاة في أول الأوقات فقد نال رضوان الله، وأمن من سخطه وعذابه، ومن أدى في آخر الوقت فقد نال فضل الله، ونيل فضل الله لا يكون بدون الرضوان، فكانت هذه الدرجة أفضل من تلك.

وأما حديث عائشة فالصحيح من الروايات إسفار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لصلاة الفجر لما روينا من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه -، فإن ثبت التغليس في وقت فلعذر الخروج إلى سفر أو كان ذلك في الابتداء حين كن يحضرن الجماعات، ثم لما أمرن بالقرار في البيوت انتسخ ذلك، والله تعالى أعلم، "بدائع" (٢).


(١) سورة البقرة: الآية ٢١٩.
(٢) "بدائع الصنائع" (١/ ٣٢٢ - ٣٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>