للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "لَتُزَخْرِفُنَّهَا كَمَا زَخْرَفَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى". [خت- باب بنيان الْمسجد-].

===

إذا بنيته بالشيد وهو الجص (١).

(قال ابن عباس) وهو موقوف (٢) لكنه في حكم المرفوع, لأنه من إخبار ما يأتي، وهو لا يكون إلَّا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لَتُزَخْرِفُنَّهَا) (٣) بفتح اللام (٤)، وهي لام القسم، وبضم المثناة وفتح الزاي وسكون الخاء المعجمة وضم الفاء وتشديد النون، وهي نون التأكيد، والزخرفة الزينة، وأصله الذهب، ثم استعمل في كل ما يتزين به (كما زخرفت اليهود والنصارى) أي بيعهم وكنائسهم، وهذا بدعة لأنه لم يفعله عليه السلام، وفيه موافقة أهل الكتاب.

قال الشوكاني (٥): وهذا الحديث فيه معجزة ظاهرة لإخباره - صلى الله عليه وسلم - عما سيقع بعده، فإن تزويق المساجد والمباهات بزخرفتها كثر من الملوك والأمراء في هذا الزمان في القاهرة والشام وبيت المقدس بأخذ أموال الناس ظلمًا وعمارتهم إياها على شكل بديع، انتهى.

والحديث يدل على أن تشييد المساجد بدعة، وقد روي عن أبي حنيفة الترخيص في ذلك، وقال البدر بن المنير: لما شيد الناس بيوتهم وزخرفوها


(١) قال ابن رسلان: وهذان قولان في قوله تعالى: {وَقَصْرٍ مَشِيدٍ} [الحج: ٤٥]، أي طويل عال، وقيل: مجصص، والمشهور في الحديث أن المراد هاهنا رفعه وتطويله، كما قاله البغوي وغيره، وفيه رد على من حمل قوله تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ} [النور: ٣٦]، على رفع البناء للحقيقة، بل المراد أن تعظم. (ش).
(٢) وزعم الطيبي أنه مرفوع، بسطه ابن رسلان والحافظ (١/ ٥٤٠)، وتعقبه العيني (٣/ ٤٧١). (ش).
(٣) وأول من زخرف المساجد وليد بن عبد الملك بن مروان. "ابن رسلان". (ش).
(٤) وقيل: بالكسر تعليل لما سبق، قال ابن حجر: الرواية بالقتح لا غير "ابن رسلان". (ش).
(٥) "نيل الأوطار" (٢/ ١٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>