ناسب أن يصنع ذلك بالمساجد صونًا لها عن الاستهانة، وتعقب بأن المنع إن كان للحث على اتباع السلف في ترك الرفاهية فهو كما قال، وإن كان لخشية شغل بال المصلي بالزخرفة فلا، ومن جملة ما عوّل عليه المجوّزون للتزيين بأن السلف لم يحصل منهم الإنكار على من فعل ذلك، وبأنه بدعة مستحسنة وبأنه مرغب إلى المسجد، وهذه حجج لا يُعَوِّلُ عليها من له حظ من التوفيق لا سيما مع مقابلتها للأحاديث الدالة على أن التزيين ليس من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنه نوع من المباهاة المحرمة، وأنه من علامات الساعة، وأنه من صنع اليهود والنصارى.
ودعوى ترك إنكار السلف ممنوعة, لأن التزيين بدعة أحدثها أهل الدول الجائرة، وسكت العلماء عنهم تقية لا رضي، بل قام في وجه باطلهم جماعة من علماء الآخرة، ودعوى أنه بدعة مستحسنة باطلة، ودعوى أنه مرغب إلى المسجد فاسدة، انتهى ملخصًا.
قلت: قال في "الدر المختار: ولا بأس بنقشه خلا محرابه فإنه يكره, لأنه يلهي المصلي، ويكره التكلف بدقائق النقوش ونحوها خصوصًا في جدار القبلة، قاله الحلبي، وفي حظر "المجتبى": وقيل: يكره في المحراب دون السقف والمؤخر، انتهى، وظاهره أن المراد بالمحراب جدار القبلة، فليحفظ بجص وماء ذهب لو بماله الحلال، لا من مال الوقف فإنه حرام، وضمن متوليه لو فعل النقش أو البياض، إلَّا إذا خيف طمع الظلمة فلا بأس به "كافي"، وإلَّا إذا كان لإحكام البناء، أو الواقف فعل مثله لقولهم: "إنه يعمر الوقف كما كان" وتمامه في "البحر".
وقال في حاشيته "رد المحتار" (١): قوله: ولا بأس، في هذا التعبير كما قال شمس الأئمة: إشارة إلى أنه لا يؤجر، ويكفيه أن ينجو رأسًا برأس،