انتهى، قال في "النهاية": لأن لفظ لا بأس دليل على أن المستحب غيره, لأن البأس الشدة، انتهى، ولهذا قال في حظر "الهندية" عن "المضمرات": والصرف إلى الفقراء أفضل، وعليه الفتوى، انتهى.
قال الحافظ في "الفتح"(١): ورخص في ذلك بعضهم، وهو قول أبي حنيفة، إذا وقع ذلك على سبيل التعظيم للمساجد ولم يقع الصرف على ذلك من بيت المال.
فهاهنا أمور: أولها: أن تزويق المساجد وتحسينها إذا كان يلهي المصلين ويشغل قلوبهم فهو مجمع على كراهته.
والأمر الثاني: إذا كان هذا مباهاة ورياءً وسمعة فهو أيضًا مكروه، بل بناء المساجد بهذه النية الفاسدة يكون مكروهًا أيضًا فضلًا عن التزيين والتحسين.
والأمر الثالث: أن يحكم بناؤها ويبنى بالجص وغيرها مما يستحكم به الصنعة، فهذا غير مكروه عندنا، والدليل عليه ما أخرجه الشيخان عن عثمان بن عفان قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"من بني لله مسجدًا بني الله له مثله في الجنة".
وأيضًا يؤيده ما فعل عثمان في خلافته كما في الحديث الذي بعد هذا، فإنه فعل ما فعل مستدلًا بهذا الحديث، وكل ما فعل كان من باب الأحكام لا من باب التزيين المحض، وأما الحجارة المنقوشة فلم ينقشها ولم يأمر بنقشها، بل حصل له كذلك منقوشة من بعض ولاياته، فركبها في المسجد، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "عليكم بسنتي وسنَّة الخلفاء الراشدين المهديين".