المقصود"، فلم يقع في القلب موقعه، ولم يبلغ مبلغه، وهذا الشرح قاصر عن أن يسمى شرحًا مع أن مؤلفه تقلد صاحب "غاية المقصود" في الحدة، واختصر شرحه، فوقع فيه ما وقع من الخلل والخطل- والله يتجاوز عنا وعنه -، فلما ذهب عني الشباب وأخذني الشيب كما قيل:
فلما رأيت النسر عز ابن داية ... وعشش في وكريه جاش له صدري
ووُليت درس الحديث بمدرسة مظاهر العلوم الواقعة في "سهارنفور"، ونظرت في أمري، فلم أجد في أعمالي ما يكون لي وسيلة إلى النجاة أو ذريعة إلى حط الخطيئات والسيئات، فألقيَ في رُوْعي أن اكتب على أبي داود تعليقًا مختصرًا جامعًا يفتح أقفال كنوزه، ويسهل صعاب رموزه، مع أني لم أكن أهلاً لذلك، ولكن اعتمدت في ذلك على إعانة الله تعالى سبحانه وعنايته ولطفه، رجاء أن يحشرني الله تعالى في زمرة خدم الحديث وأهله.
فشرعت فيه في ساعات فارغة من الدرس، وأعانني عليه بعض أحبابي خصوصًا منهم عزيزي وقرة عيني وقلبي الحاج الحافظ المولوي محمد زكريا بن مولانا الحافظ المولوي محمد يحيى الكاندهلوي - رحمه الله تعالى -، فإني كنت لا أقدر على الكتابة، ولا على التتبع لرعشةٍ حدثت في يدي وضعف في دماغي وبصري، فكنت أملي عليه، وهو يكتب ويتتبع المباحث المشكلة من مظانها فيسهل عليَّ إملاؤها، فشكر الله تعالى سعيه وأحسن جزاءه، وما بذل فيه جهده، وأكرمه الله تعالى بعلومه الباطنة والظاهرة النافعة في الدنيا والآخرة، وبالأعمال المبرورة المتقبلة الزاهرة.
وكان عندي حين إملاء هذا التعليق كتب من العلوم المختلفة.
فمن علم الحديث وشروحه: الصحاح الستة، والموطآن لمالك بن أنس ولمحمد بن الحسن الشيباني، و"سنن الدارمي"، و"الدارقطني"،