للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

والذين قالوا: إن المسبوق المدرك صلاة الإِمام يؤدي مع الإِمام آخر صلاته، ثم إذا انفرد عن الإمام يقضي أول صلاته، احتجوا بلفظ "فاقضوا"، وقالوا: إن الأصل في القضاء هو الإتيان بالفائت، كما في قوله عليه السلام قال: "فأتموا بقية يومكم واقضوه، أخرجه أبو في داود في الصوم من حديث قتادة عن عبد الرحمن بن مسلمة، وأما لفظ "فأتموا" فيأتي بمعنى الإتيان تامًا، كما في قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (١) فإذا احتمل كل واحد من اللفظين كل واحد من المعنيين، فلا يجوز الاستدلال بهما.

وأما ترجيح المحدثين لفظ "فأتموا" بأن هذا اللفظ ورد في أكثر الروايات، ولفظ "فاقضوا" في أقل منها, لو سلم فغير نافع، فحينئذ يجب المصير إلى دليل آخر ليس فيه احتمال مخالف ناشئ عن دليل.

فأقول (٢): إن الإِمام مسلمًا أخرج في "صحيحه" حديث أبى هريرة من طريق هشام بن حسان عن محمد بن سيرين قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "صل ما أدركت واقض ما سبقك".

وكذلك أخرج أبو داود من طريق شعبة عن سعد بن إبراهيم قال: سمعت أبا سلمة عن أبي هريرة ولفظه: "فصلوا ما أدركتم واقضوا ما سبقكم قال أبو داود: وكذا قال ابن سيرين عن أبي هريرة، وكذا قال أبو رافع عن أبي هريرة.

فهذا سياق ثالث غير السياقين المتقدمين، وهذا السياق محكم ليس فيه احتمال، فإن قوله: "واقض ما سبقك" معناه أد ما فاتك سابقًا من الصلاة، فالمسبوق المدرك آخر صلاة الإِمام إما أن يصلي معه أول صلاته أو آخر


(١) سورة البقرة: الآية ١٩٦.
(٢) قلت: لكن ينافيه ما تقدم "وأتم ما بقي"، فإن لفظ "بقي" نص في الآخر. (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>