أو أهله لكن بمخافتة الأذان، ولو كرر أهله بدونهما أو كان مسجد طريق جاز إجماعًا، كما في مسجد ليس له إمام ولا مؤذن، ويصلي الناس فيه فوجًا فوجًا، فإن الأفضل أن يصلي كل فريق بأذان وإقامة على حدة، انتهى.
والمراد بمسجد المحلة ما له إمام وجماعة معلومون كما في "الدر" وغيرها، قال في "المنبع": والتقييد بالمسجد المختص بالمحلة احتراز من الشارع، وبالأذان الثاني احتراز عما إذا صلَّى في مسجد المحلة جماعة بغير أذان حيث يباح إجماعًا.
ثم قال في الاستدلال على الإِمام الشافعي النافي للكراهة ما نصه: ولنا أنه عليه الصلاة والسلام كان خرج ليصلح بين قوم، فعاد إلى المسجد وقد صلَّى أهل المسجد، فرجع إلى منزله، فجمع أهله وصلَّى، ولو جاز ذلك لما اختار الصلاة في بيته على الجماعة في المسجد، ولأنّ في الإطلاق هكذا تقليل الجماعة معنى، فإنهم لا يجتمعون إذا علموا أنها لا تفوتهم.
وأما مسجد الشارع فالناس (١) فيه سواء لا اختصاص له بفريق دون فريق، انتهى، ومثله في "البدائع" وغيرها، ومقتضى هذا الاستدلال كراهة التكرار في مسجد المحلة ولو بدون أذان، ويؤيده ما في "الظهيرية": لو دخل جماعة المسجد بعد ما صلَّى فيه أهله يصلون وحدانًا، وهو ظاهر الرواية, انتهى.
وهذا مخالف لحكاية الإجماع المارة، وعن هذا ذكر العلامة الشيخ رحمة الله السندي تلميذ المحقق ابن الهمام في رسالته: أن ما يفعله أهل الحرمين من الصلاة بأئمة متعددة وجماعات مترتبة مكروه اتفاقًا.
ونقل عن بعض مشايخنا إنكاره صريحًا حين حضر الموسم بمكة سنة ٥٥١ هـ منهم الشريف الغزنوي، وذكر أنه أفتى بعض المالكية بعدم جواز ذلك