للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأَقْدَمُهُمْ قِرَاءَةً, فَإِنْ كَانُوا فِى الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَلْيَؤُمَّهُمْ أَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً,

===

قال ابن الملك (١): أحسنهم (٢) قراءة لكتاب الله، انتهى، والأظهر أن معناه أكثرهم قراءة بمعنى أحفظهم للقرآن، كما ورد "أكثركم قرآنًا"، قيل: إنما قدم النبي -صلي الله عليه وسلم- الأقرأ, لأن الأقرأ في زمانه كان أفقه، إذ لو تعارض فضل القراءة فضل الفقه قدم الأفقه إذا كان يحسن من القراءة ما تصح به الصلاة، وعليه أكثر العلماء، فيؤول المعنى إلى أن المراد أعلمهم بكتاب الله، وذهب جماعة إلى تقدم القراءة على الفقه، وبه قال أبو يوسف عملًا بظاهر الحديث.

وفي "شرح السنَّة": لم يختلفوا في أن القراءة والفقه مقدمان على غيرهما، واختلفوا في الفقه مع القراءة، فذهب جماعة إلى تقدمها على الفقه، وبه قال أصحاب أبي حنيفة، أي بعضهم عملًا بظاهر الحديث، وذهب قوم إلى أن الفقه أولى إذا كان يحسن من القراءة ما تصح به الصلاة، وبه قال مالك والشافعي؛ لأن الفقيه يعلم ما يجب من القراءة في الصلاة, لأنه محصور، وما يقع فيها من الحوادث غير محصور، وقد يعرض للمصلي ما يفسد صلاته وهو لا يعلم إذا لم يكن فقيهًا (٣).

(وأقدمهم قراءة) فإن الأقدم في القراءة يكون أكثرهم حفظًا للقرآن، (فإن كانوا في القراءة) أي في مقدارها أو حسنها أو عملها أو في العلم بها (سواء) أي مستوين (فليؤمهم أقدمهم هجرة) أي انتقالًا من مكة إلى المدينة قبل الفتح، قال ابن الملك: والمعتبر اليوم الهجرة المعنوية وهي الهجرة من المعاصي، فيكون الأورع أولى.


= لقرب العهد بالإِسلام، ولما طال الزمان وتفقهوا قدم الأعلم نصًّا، وقال قبله: وإنما قدم الأقرأ في الحديث لأنهم كانوا يتلقونه بأحكامه، حتى عن ابن عمر - رضي الله عنه -: أنه حفظ سورة البقرة في اثنتي عشر سنة. (ش).
(١) وبه جزم في "نيل المآرب" (١/ ٢٢٢) و"الروض المربع" (١/ ٢٤٧). (ش).
(٢) ونقله ابن رسلان عن ابن الرفعة. (ش).
(٣) انظر: "مرقاة المفاتيح" (٣/ ٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>