للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثُمَّ أَقِيمَا، ثُمَّ ليَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا".

وَفِي حَدِيثِ (١) مَسْلَمَةَ قَالَ: "وكُنَّا يَوْمَئِذٍ مُتَقَارِبَيْنِ في الْعِلْمِ".

===

الأول: أن ظاهر الحديث الأول أن الأمر بالأذان بعد وصولهم إلى أهلهم وتعليمهم، وفي الحديث الثاني بعد خروجهما من المدينة قبل وصولهما إلى أهلهما.

والثاني: أن في الحديث الأول أمر بالأذان لأحدهما، وفي الحديث الثاني لكليهما، وفي الحقيقة لا اختلاف بين الحديثين، فإن الحديث الأول الذي فيه الأمر بالأذان في الحضر لا ينافي الأمر بالأذان في السفر، كما أن الحديث الثاني الذي فيه الأمر بالأذان في السفر لا ينافي الأمر بالأذان في الحضر.

وكذلك المراد بقوله: "أذنا فإن المراد بقوله: "أذنا"، أي من أحب منكما أن يؤذن فليؤذن، وذلك لاستوائهما, ولا يعتبر في الأذان السنن وغيره بخلاف الإمامة، وهو واضح من سياق حديث أيوب حيث قال: "ليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم ويمكن أن يوجه قوله: "فأذنا" بأن أحدهما يؤذن والآخر يجيب.

وقال الكرماني: قد يطلق الأمر بالتثنية وبالجمع، والمراد واحد، كقوله: يا حرسي اضربا عنقه، وقوله: قتله بنو تميم مع أن القاتل والضارب واحد، وفهم منه أبو الحسن بن القصار أنه - صلى الله عليه وسلم - أمرهما أن يؤذنا جميعًا، كما هو ظاهر اللفظ، وهذا ليس بمراد، وإن أراد أن كلًّا منهما يؤذن على حدة، فهذا أيضًا بعيد، فإن أذان الواحد يكفي الجماعة (٢).

(ثم أقيما) أي ثم ليقم أحدكما، فإن تكرار الإقامة مكروه، وهذا محمول على الجواز، وإلا فالأولى أن الذي يؤذن هو الذي يقيم (ثم ليؤمكما أكبركما) أي سنًا.

(وفي حديث مسلمة قال) أي مالك بن الحويرث: (وكنا يومئذ متقاربين في العلم) وهذا اعتذار عن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتبر الرجحان في السن ولم يعتبر


(١) وفي نسخة: "وقال في حديث".
(٢) إجماعًا، "ابن رسلان". (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>