فضيلة الشيخ محمد زكريا لطلبه استجابة فحسب، بل وجد في ذلك مطلوبه، الذي كان في أمنيته وهو تلميذه النجيب، وكان يشتغل بتدريس الحديث الشريف ويهتم به تحت إشراف أستاذه أيضًا، في الجامعة نفسها، فأراد منه أستاذه الشيخ خليل أحمد المساعدة في هذا العمل الجليل، بالمراجعة والتحقيق فيما يلزم في شرح هذا الكتاب، ليتمكن بمساعدته أستاذُهُ الشيخ الجليل من إنجاز هذا العمل المهم الضخم بإتقان وكمال لائقين رغم ضعف صحته وشيخوخته العائقة من جهد شاق وعمل كثير جاد.
على كل، فقد اشتغل الأستاذ بشرح السنن وعكف تلميذه الشيخ محمد زكريا على التعاون معه بجهد مخلص وعمل دؤوب واهتمام متواصل بمراجعة وتحقيق وتعليق مهم حتى بلغ العمل إلى نهايته.
وكان إكماله في مهبط الوحي في مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وجاء الكتاب في خمس مجلدات كبار في ألفين من الصفحات بالقطع الكبير باسم "بذل المجهود في حل سنن أبي داود".
وامتاز الكتاب باشتماله على فوائد كثيرة معتمدًا على شروح مختلفة ومراجع شتى، وبالتزام ما يلزم من البحث والتحقيق في هذا العلم المهم الشريف على نهج كبار الشراح الذين تلقت الأمة شروحهم بقبول عام. وبلغت مساعدة الشيخ محمد زكريا لأستاذه الشيخ في جهده ذلك إلى أبعد حد، فجاء هذا الشرح القيم الجديد مشتملًا على تعليقات قيمة في أسماء الرجال وأصول الحديث، وقد عارض مؤلفه الحجة بالحجة، وكان عكوفه في أكثر الأحيان مختصًا بصناعة الحديث وحده وبمتعلقاته من الفنون، ونال الشيخ تقديرًا عظيمًا وقبولًا حسنًا جدًّا من المتخصصين في فن الحديث، وكان مشتملًا على مقدمات في أول الكتاب لعدد من كبار العلماء النابغين في الحديث الشريف.