وروى أبو طالب عن أحمد بن حنبل قال: تركوا حديثه، وقال البخاري: تركه ابن المبارك والناس، وروى عباس عن ابن معين: كذاب رافضي، وقال محمد بن عثمان بن أبي شيبة سمعت عليًا يقول: إبراهيم بن أبي يحيى كذاب، وكان يقول بالقدر، وأخوه أنيس ثقة، وقال النسائي والدارقطني وغيرهما: متروك، انتهى. قلت: فحاصل الكلام أن هذه الزيادة قد تفرد بها ابن جريج، ولا يتابع عليها بمتابع صحيح، انتهى.
وحاصل المنع الثالث: لو ثبت أن هذه الزيادة نقله جابر عن معاذ وسمعه منه، لم يكن في ذلك دليل أنه كان بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا أن رسول الله لو أخبره به لأقره عليه أو غَيَّره، فهذا الفعل لو ثبت أن معاذًا فعله في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لم يكن في ذلك دليل على أنه بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وأجاب عنه الحافظ ابن حجر بقوله: فجوابه: أنهم لا يختلفون في أن رأي الصحابي إذا لم يخالفه غيره حجة، والواقع هنا كذلك، فإن الذين يصلي بهم معاذ كلهم صحابة، وفيهم ثلاثون عقبيًا، وأربعون بدريًا، قاله ابن حزم، قال: ولا يحفظ عن غيرهم من الصحابة امتناع ذلك، بل قال معهم بالجواز عمر وابن عمر وأبو الدرداء وأنس وغيرهم، انتهى.
فرده العيني بقوله: قلت: يحتمل أن يكون عدم مخالفة غيره له بناء على ظنهم أن فعله كان بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويكون من هذا الوجه أيضًا عدم امتناع غيره من ذلك.
وأقول: يمكن أن يجاب بأن سكوت الصحابة وعدم مخالفتهم ليس فيه دليل, لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما بلغه هذه القصة غضب على معاذ وقال له:"لا تكن فتانًا، إما أن تصلي معي، وإما أن تخفف على قومك"، فلما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنكاره على معاذ فسكوت الصحابة لا يكون حجة، وسيأتي بحث هذا الحديث.