للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وحاصل المنع الرابع: لو سلمنا أن الذي كان يفعل معاذ من الصلاة مرتين كان بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبإذنه، فيمكن أن يكون ذلك كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وقت كانت الفريضة تصلَّى مرتين، فإن ذلك قد كان يفعل في أول الإِسلام حتى نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد ذكرنا ذلك بأسانيده في باب صلاة الخوف، ففعل معاذ الذي ذكرنا يحتمل أن يكون قبل النهي عن ذلك، ثم كان النهي فنسخه، ويحتمل أن يكون كان بعد ذلك، فليس لأحد أن يجعله في أحد الوقتين، إلَّا كان لمخالفه أن يجعله في الوقت الآخر، انتهى.

ونقل الحافظ ابن حجر الجواب عن هذا المنع بقوله: فقد تعقبه ابن دقيق العيد بأنه يتضمن إثبات النسخ بالاحتمال وهو لا يسوغ، وبأنه يلزمه إقامة الدليل على ما ادعاه من إعادة الفريضة.

ثم اعترض الحافظ على الجواب الثاني بقوله: وكأنه لم يقف على كتابه، فإنه قد ساق فيه دليل ذلك، وهو حديث ابن عمر رفعه: "لا تصلوا الصلاة في اليوم مرتين"، ومن وجه آخر مرسل: "إن أهل العالية كانوا يصلون في بيوتهم، ثم يصلون مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فبلغه ذلك فنهاهم".

ثم قال الحافظ: ففي الاستدلال بذلك على تقدير صحته نظر لاحتمال أن يكون النهي عن أن يصلوها مرتين على أنها فريضة، وبذلك جزم البيهقي جمعًا بين الحديثين، بل لو قال قائل: هذا النهي منسوخ بحديث معاذ، لم يكن بعيدًا، ولا يقال: القصة قديمة، لأن صاحبها (١) استشهد بأحد, لأنا نقول كانت أحد في أواخر الثالثة فلا مانع في أن يكون المنع في الأولى، والإذن في الثالثة مثلًا، انتهى.

فرد العلامة العيني الجواب الأول الذي أجاب به ابن دقيق العيد بقوله:


(١) يعني الذي شكا معاذًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو سليم، كما في "العرف الشذي" (ص ٢٥٥) وسيأتي الاختلاف فيه في أبواب القراءة، "باب في تخفيف الصلاة". (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>