للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قلت: يستدل على ذلك بوجه حسن، وذلك لأن إسلام معاذ متقدم، وقد صلَّى النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد سنين من الهجرة صلاة الخوف غير مرة من وجه وقع فيه مخالفة ظاهرة بالأفعال المناقضة للصلاة، فيقال: لو جازت صلاة المفترض خلف المتنفل لأمكن إيقاع الصلاة مرتين على وجه لا تقع فيه المناقضات والمفسدات في غير هذه الحالة، وحيث صليت على هذا الوجه مع إمكان دفع المفسدات على تقدير جواز اقتداء المفترض بالمتنفل دل على أنه لا يجوز ذلك، انتهى.

فقال الحافظ في جوابه بقوله: وأما تقوية بعضهم لكونه منسوخًا بأن صلاة الخوف وقعت مرارًا على صفة فيها مخالفة ظاهرة بالأفعال المنافية في حال الأمن, فلو جازت صلاة المفترض خلف المتنفل لَصلَّى النبي -صلى الله عليه وسلم- بهم مرتين على وجه لا تقع فيه منافاة، فلما لم يفعل دل ذلك على المنع، فجوابه أنه ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - صلَّى بهم صلاة الخوف مرتين، كما أخرجه أبو داود عن أبي بكرة، ولمسلم عن جابر نحوه، وأما صلاته بهم على نوع من المخالفة فلبيان الجواز، انتهى.

وأجاب الطحاوي (١) عن رواية أبي بكرة وجابر بن عبد الله بعد ما ساقهما بقوله: ولا حجة لهم عندنا في هذه الآثار, لأنه يجوز أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاها كذلك, لأنه لم يكن في سفر يقصر في مثله الصلاة، فصلَّى بكل طائفة ركعتين، ثم قضوا بعد ذلك ركعتين ركعتين، وهكذا نقول نحن إذا حضر العدو في مصر، فأراد أهل ذلك العصر أن يصلوا صلاة الخوف فعلوا هكذا، يعني بعد أن تكون تلك الصلاة ظهرًا أو عصرًا أو عشاءً، قالوا: فإن القضاء ما ذكر، قيل لهم: قد يجوز أن يكونوا قد قضوا ولم ينقل ذلك في الخبر، وقد يجيء في الأخبار مثل هذا كثيرًا وإن كانوا لم يقضوا، فإن ذلك عندنا لا حجة لهم فيه أيضًا, لأنه يجوز أن يكون ذلك كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والفريضة تصلَّى حينئذ مرتين، فيكون كل واحد منهما فريضة، وقد كان ذلك يفعل في أول الإِسلام ثم نسخ، انتهى.


(١) شرح معاني الآثار" (١/ ٣١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>