قائلهم: دليله قول ابن مسعود: "أخروهن من حيث أخرهن الله"، والأمر للوجوب، وحيث ظرف مكان ولا مكان يجب تأخرهن فيه إلَّا مكان الصلاة، فإذا حاذت الرجل فسدت صلاة الرجل, لأنه ترك ما أمر به من تأخيرها، وحكاية هذا تعني عن تكلف جوابه، والله المستعان.
وأجاب عنه العلامة العيني (١)، وقال: قلت: هذا القائل لو أدرك دقة ما قاله الحنفية ههنا ما قال: وهو عجيب، وتوجيهه ما ذكرنا, وليس فيه تعسف، والتعسف على الذي لا يفهم كلام القوم، انتهى.
ثم استدل الحافظ ابن حجر على قوله المتقدم بأنه قد ثبت النهي عن الصلاة في الثوب المغصوب، وأمر لابسه أن ينزعه، فلو خالف فصلَّى فيه ولم ينزعه أثم وأجزأته صلاته، فلم لا يقال في الرجل الذي حاذته المرأة ذلك؟ وأوضح منه لو كان لباب المسجد صفة مملوكة فصلَّى فيها شخص بغير إذنه مع اقتداره على أن ينتقل عنها إلى أرض المسجد بخطوة واحدة صحت صلاته، وأثم, وكذلك الرجل مع المرأة التي حاذته ولا سيما إن جاءت بعد أن دخل في الصلاة فصلت بجنبه، انتهى.
قلت: وهذا عجيب من مثل العلامة ابن حجر، فإن الأفعال التي أمر بها أو نهي عنها، إما أن تكون من الأركان والشروط أو الموانع أو لا، فعلى التقدير الأول لو خالفها يكون مفسدًا، وعلى الثاني يكون مكروهًا، ولا يجوز أن يقاس أحدهما على الآخر، مثاله أن الإِمام مأمور بالتقدم، فلو تأخر عن المقتدي تفسد صلاة المقتدي، ولا يقال: كره له ذلك واجزأته صلاته، وأوضح من ذلك أن التكلم في الصلاة منهي عنه، فلو تكلم أحد متعمدًا يحكم بفساد صلاته، ولا يقال: إنه يكره وتجوز صلاته، وأمثلته كثيرة.