للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ولكنها واجبة، حتى لو تركها عامدًا كان مسيئًا، ولو تركها ساهيًا يلزمه سجود السهو عندنا، وعند مالك والشافعي فرض لو تركها تفسد صلاته، احتجا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وتحليلها التسليم"، خص التسليم بكونه محللًا، فدل على أن التحليل بالتسليم على التعيين، فلا يتحلل بدونه، ولأن الصلاة عبادة لها تحريم وتحليل، فيكون التحليل فيها ركنًا قياسًا على الطواف في الحج.

ولنا ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لابن مسعود حين علمه التشهد: "إذا قلت هذا أو فعلت هذا فقد قضيت ما عليك، إن شئت أن تقوم فقم، وإن شئت أن تقعد فاقعد، والاستدلال به من وجهين:

أحدهما: أنه جعله قاضيًا ما عليه عند هذا القول أو الفعل، وما للعموم فيما لا يعلم، فيقتضي أن يكون قاضيًا جميع ما عليه، ولو كان التسليم فرضًا لم يكن قاضيًا جميع ما عليه بدونه, لأن التسليم يبقى عليه.

والثاني: أنه خيَّره بين القيام والقعود من غير شرط لفظ التسليم، ولو كان فرضًا ما خيَّره، ولأن ركن الصلاة ما تتأدى به الصلاة، والسلام خروج عن الصلاة وترك لها , لأنه كلام وخطاب لغيره، فكان منافيًا للصلاة، فكيف يكون ركنًا لها.

وأما الحديث فليس فيه نفي التحليل بغير التسليم، إلَّا أنه خص التسليم لكونه واجبًا، والاعتبار بالطواف غير سديد, لأن الطواف ليس بمحلل، إنما المحلل هو الحلق، إلَّا أنه توقف بالإحلال على الطواف، فإذا طاف حل بالحلق لا بالطواف، والحلق ليس بركن، فنزل السلام في باب الصلاة منزلة الحلق في باب الحج، وينبني على هذا أن السلام ليس من الصلاة عندنا، وعند الشافعية التسليمة الأولى من الصلاة، والصحيح قولنا لما بينا.

<<  <  ج: ص:  >  >>