للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا رَفَعُوا رُءُوسَهُمْ مِنَ الرُّكُوعِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَامُوا قِيَامًا, فَإِذَا رَأَوْهُ قَدْ سَجَدَ سَجَدُوا". [خ ٦٩٠، م ٤٧٤، ن ٨٢٩، ت ٢٨١]

===

وكذلك صيغة المبالغة في معنى نفس الفعل، كما في قوله تعالى: {لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} (١).

(أنهم) أي الصحابة -رضي الله عنهم- (كانوا إذا رفعوا رؤوسهم من الركوع مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاموا قيامًا) أي قيامًا طويلًا، أو يقال: بقوا قائمين (فإذا رأوه) (٢) أي الصحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (قد سجد سجدوا) والحاصل أنه لما منعهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المبادرة، خافوا أنهم إذا سجدوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعلهم يسبقونه، فكانوا ينتظرون سجوده قيامًا، فإذا رأوه سجد سجدوا.

قال الشامي في "حاشية الدر المختار" (٣) بعد ما أطال الكلام في المتابعة: والحاصل أن المتابعة في ذاتها على ثلاثة أنواع: مقارنة لفعل الإِمام مثل أن يقارن إحرامه لإحرام إمامه، وركوعه لركوعه، وسلامه لسلامه، ويدخل فيها ما لو ركع قبل إمامه ودام حتى أدركه إمامه فيه، ومعاقبة لابتداء فعل إمامه مع المشاركة في باقيه، ومتراخية عنه، فمطلق المتابعة الشامل لهذه الأنواع الثلاثة يكون فرضًا في الفرض، وواجبًا في الواجب، وسنَّة في السنَّة عند عدم المعارض أو عدم لزوم المخالفة.

ثم قال بعد عدة أسطر: إذا علمت ذلك ظهر لك أن من قال: إن المتابعة فرض أو شرط كما في "الكافي" وغيره أراد به مطلقها بالمعنى الذي ذكرناه، ومن قال: إنها واجبة كما في شرح "المنية" وغيره أراد به المقيدة بعدم التأخير، ومن قال: إنها سنَّة أراد به المقارنة، الحمد لله على توفيقه وأسأله هداية الطريق.


(١) سورة آل عمران: الآية ١٨٢.
(٢) فيه نظر المأموم إلى أفعال الإِمام في الصلاة ليقتدي به، "ابن رسلان". (ش).
(٣) (٢/ ٢٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>