للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال النووي (١): لا أعلم أحدًا من الفقهاء قال بوجوب هذا الدفع (٢)، وقال القاضي عياض والقرطبي: وأجمعوا على أنه لا يلزمه أن يقاتله بالسلاح لمخالفة ذلك بقاعدة الإقبال على الصلاة والاشتغال بها، وحكى القاضي عياض وابن بطال الإجماع على أنه لا يجوز له المشي من مكانه ليدفعه، ولا العمل الكثير في مدافعته, لأن ذلك أشد في الصلاة من المرور، قال الحافظ: وذهب الجمهور إلى أنه إذا مر ولم يدفعه فلا ينبغي له أن يرده لأنه فيه إعادة للمرور، قاله الشوكاني (٣).

وأما عند الحنفية فقال في "البدائع" (٤): ولنا قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن في الصلاة لشغلاً" (٥)، يعني في أعمال الصلاة، والقتال ليس من أعمال الصلاة، فلا يجوز الاشتغال به، وحديث (٦) أبي سعيد كان في وقت كان العمل في الصلاة مباحًا، ومن المشايخ من قال: إن الدرء رخصة، والأفضل أن لا يدرأ، لأنه ليس من أعمال الصلاة، وذا روى إمام الهدى الشيخ أبو منصور عن أبي حنيفة أن الأفضل أن يترك الدرء، والأمر بالدرء في الحديث لبيان الرخصة، كالأمر بقتل الأسودين.


(١) "شرح صحيح مسلم" (٢/ ٤٦٤).
(٢) قال ابن رسلان: ظاهره الوجوب، لكن الإِجماع على ندبه إلَّا أن أهل الظاهر أوجبه. (ش).
(٣) "نيل الأوطار" (٣/ ١٠).
(٤) "بدائع الصنائع" (١/ ٥١٠).
(٥) أخرجه البخاري (١١٩٩)، ومسلم (٥٣٨).
(٦) وعن محمد كما في "الموطأ": الحديث شاذ، ولم يذكر القتال إلَّا في حديث أبي سعيد، وفي "الشامي" (٢/ ٤٨٦): منسوخ، قال ابن عبد البر: تغليظ. وقال القرطبي: مبالغة في الدفع، وقال الباجي (١/ ٢٧٥): لعن عليه كقوله تعالى: {قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [التوبة: ٣٠]، ويؤيده قصة المقعد كما سيأتي في المتن، وفيه: "اللَّهُم اقطع أثره"، وقيل يطالب به بعد الصلاة أو محمول على المتمرد. "أوجز المسالك" (٣/ ٢٦١). (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>