العادات لا من العبادات، فكيف يمكن أن يترك ما رآه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعله عبادة؟ إلَّا بأنه ثبت نسخه عنده، وقد كان -رضي الله عنه - إذا كان بمكة لم يُهلّ قبل يوم التروية، والناس يهلون إذا رأوا الهلال، ويصبغ بالصفرة، ويلبس النعال السبتية، وكل ذلك لشدة لزومه واتباعه لأفعال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكيف يمكن أن يترك فعلًا فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ .
وكذلك عمر وعلي وابن مسعود -رضي الله تعالى عنهم- لم يكونوا يتركون بهذه الوجوه السخيفة، فليس له وجه إلَّا بأنه ثبت عندهم أنه - صلى الله عليه وسلم - ما تركه إلَّا نسخًا، وهذا هو الموافق للأصل، فإن الأصل في الصلاة السكون لقوله عليه الصلاة والسلام:"اسكنوا في الصلاة" كما رواه مسلم، فكل فعل في الصلاة يكون خلاف هذا الأصل لا يثبت إلَّا بأن يكون ثبوته واضحًا بيِّنًا، وهذا الفعل المتنازع فيه اختلفت الروايات فيه، كذلك اختلفت الصحابة فيه، فلم يكن ثبوته باعتبار دوامه وبقائه متيقنًا، فوضعوه على الأصل المنصوص عليه، والله تعالى أعلم.
ثم نقول: إن خاتمة البحث في هذه المسألة أن رفع اليدين في الانتقالات بعد الرفع عند التحريمة ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غير حديث، وصح عنه، ثم تركه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يفعله، ثم لما لم يتنبه له الصحابة وفعله بعضهم، فلما رآهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة يرفعون أيديهم نسخها ونهى عنها.
ويدل على ذلك حديث تميم بن طرفة عن جابر بن سمرة الذي أخرجه مسلم، وقد تقدم سياقه والبحث فيه، والذي قالوا في جوابه: إنه محمول على الإشارة في السلام، فهو لغو وباطل، كما تقدم مفصلًا.
٧٢٠ - (حدثنا محمد بن المصفى (١) الحمصي) صدوق له أوهام، وكان