للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وكذا روى الجصاص عن محمد أنه قال: التسمية آية من القرآن، أنزلت للفصل بين السور للبدأة بها تبركًا، وليست بآية من كل واحدة منها.

وقال الشافعي: إنها من الفاتحة قولًا واحدًا، وله في كونها من رأس كل سورة قولان.

احتج الشافعي بما روى أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول: "الحمد لله رب العالمين سبعُ آيات، إحداهن بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" (١)، فقد عد التسمية آية من الفاتحة، دلَّ أنها من الفاتحة، ولأنها كتبت في المصاحف على رأس الفاتحة، وكل سورة بقلم الوحي، فكانت من الفاتحة، ومن كل سورة.

ولنا: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - خبرًا عن الله تعالى أنه قال: "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين" (٢) الحديث.

ووجه الاستدلال به من وجهين:

أحدهما: أنه بدأ بقوله: "الحمد لله رب العالمين" لا بقوله: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"، ولو كانت من الفاتحة لكانت البداءة بها لا بالحمد.

والثاني: أنه نص على المناصفة، ولو كانت التسمية في الفاتحة لم تتحقق المناصفة، ويكون مالله أكثر بأنه يكون في النصف الأول أربع آيات ونصف، ولأن كون الآية من سورة كذا، ومن موضع كذا، لا يثبت إلَّا بالدليل المتواتر من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد ثبت بالتواتر أنها مكتوبة في المصاحف، ولا تواتر على كونها من السورة.

ولهذا اختلف أهل العلم فيه، فعدها قراء أهل الكوفة من الفاتحة، ولم يعدها قراء أهل البصرة منها، وذا دليل عدم التواتر، ووقوع الشك والشبهة


(١) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (٢/ ٤٥).
(٢) أخرجه مسلم في "صحيحه" (٣٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>