للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

في ذلك، فلا يثبت كونها من السورة مع الشك، ولأن كون التسمية من كل سورة بما اختص به الشافعي لا يوافقه في ذلك أحد من سلف الأمة، وكفى به دليلًا على بطلان المذهب.

والدليل عليه ما روي عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "سورة في القرآن ثلاثون آية شفعت لصاحبها حتى غُفِرَ له، {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} (١) "، وقد اتفق القراء وغيرهم على أنها ثلاثون آية سوى بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، ولو كانت هي منها لكانت إحدى وثلاثين آية وهو خلاف قول النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكذا انعقد الإجماع من الفقهاء والقراء أن سورة الكوثر ثلاث آيات، وسورة الإخلاص أربع آيات، ولو كانت التسمية منها لكانت سورة الكوثر أربع آيات، وسورة الإخلاص خمس آيات، وهو خلاف الإجماع.

وأما ما روي من الحديث ففيه اضطراب، ولأنه في حد الآحاد، وخبر الواحد لا يوجب العلم، وكون التسمية من الفاتحة لا يثبت إلَّا بالنقل الموجب للعلم، مع أنه عارضه ما هو أقوى منه وأثبت وأشهر، وهو حديث القسمة، فلا يقبل في معارضته.

أما قوله: إنها كتبت في المصاحف بقلم الوحي على رأس السور، فنعم لكن هذا يدل على كونها من القرآن لا على كونها من السور، لجواز أنها كتبت للفصل بين السور، لا لأنها منها، فلا يثبت كونها من السور بالاحتمال، انتهى مختصرًا.

قلت: ومذهب مالك في التسمية ما ذكره في "المدونة" (٢): قال: وقال


(١) سورة الملك: الآية ١. والحديث أخرجه أبو داود (١٤٠٠)، والترمذي (٢٨٩١)، وابن ماجه (٣٧٨٦)، وأحمد في "مسنده" (٢/ ٢٩٩ و ٣٢١)، وابن حبان في "صحيحه" (٧٨٧، ٧٨٩)، والحاكم في "المستدرك" (١/ ٥٦٥) و (٢/ ٤٩٧).
(٢) (١/ ٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>