للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقِيلَ لَهُ: لَعَلَّهُ (١) كَانَ يَقْرَأُ فِى نَفْسِهِ, فَقَالَ: خَمْشًا, هَذِهِ شَرٌّ (٢) مِنَ الأُولَى, كَانَ عَبْدًا مَأْمُورًا بَلَّغَ مَا أُرْسِلَ (٣) بِهِ, وَمَا اخْتَصَّنَا دُونَ النَّاسِ بِشَىْءٍ إلَّا بِثَلَاثِ خِصَالٍ: أُمِرْنَا أَنْ نُسْبِغَ الْوُضُوءَ, وَأَنْ لَا نَأْكُلَ الصَّدَقَةَ,

===

(فقيل له) أي لابن عباس: (لعله كان يقرأ في نفسه) أي سرًّا، (فقال) ابن عباس: (خمشًا) (٤) منصوب بفعل مقدر، أي تخمش خمشًا أي تخدش، في دعا عليه، (هذه) أي القراءة سرًّا (شر من الأولى) أي من عدم القراءة (كان) النبي - صلى الله عليه وسلم - (عبدًا مأمورًا) أي من الله (بلغ ما أرسل به) فلا يمكن أن يقرأ في نفسه سرًّا ولا يخبرنا بها، وهذا ينافي تبليغ ما أمر به.

(وما اختصنا دون الناس بشيء) من أوامر الشريعة ونواهيها (إلَّا بثلاث خصال: أمرنا أن نسبغ الوضوء) أي نكملها بإتيان فرائضه وسننه وآدابه، وهذا الأمر أيضًا غير مختص بهم، ولعله - صلى الله عليه وسلم - بالغ لهم في الإسباغ، وأكَّد تأكيدًا بليغًا، ففهموا منه الاختصاص (وأن لا نأكل الصدقة) الواجبة كالزكاة والنذر


= [قال العيني في شرح "سنن أبي داود" (٣/ ٤٧٣): قلت: عندي جواب أحسن من هذا مع رعاية الأدب في حق ابن عباس - رضي الله عنه - فنقول: أولًا: إستناد ابن عباس في قوله هذا قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} وهو مجمل بينه عليه السلام بفعله، ثم قال: "صلُّوا كما رأيتموني أصلِّي" والمرعي هو الأفعال دون الأقوال، فكانت الصلاة اسمًا للفعل في حق الظهر والعصر، وللفعل والقول في حق غيرهما, ولم يبلغ ابن عباس قراءته عليه السلام في الظهر والعصر، فلذلك قال في جواب عبد الله بن عبيد الله في الحديث المذكور: "لا، لا"، فلما بلغه خبر قراءته عليه السلام في الظهر والعصر، وثبت عنده، رجع من ذلك القول، والدليل عليه ما رواه أبو بكر بن أبي شيبة، فقال: نا سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن الحسن العرني، عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يقرأ في الظهر والعصر"].
(١) وفي نسخة: "فلعله".
(٢) وفي نسخة: "أشر".
(٣) وفي نسخة: "ما أمر به".
(٤) "خمشًا" دعاء عليه بأن يخمش وجهه أو جلده. "النهاية" (ص ٢٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>