للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

بين السبب والمسبب وغيرهما من المناسبات، والمناسبة ها هنا ظاهرة، وعلى هذا فمناسبة الحديث بالترجمة صريحة، وأما إذا كان المراد من الوضوء الاستنجاء العرفي فتكون المناسبة بالاستنباط، وهو أنه إذا سلم على الرجل وهو غير متوضٍ وَسِعَه تأخير رد السلام، ففي حالة البول أولى، انتهى.

فإن قلت: قد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - من حديث عائشة -رضي الله عنها -: أنه كان إذا خرج من الخلاء يقول: "غفرانك". أخرجه أبو داود (١) وصححه الحاكم وأبو حاتم وابن خزيمة وابن حبان، وعن أنس: كان يقول إذا خرج من الخلاء: "الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني"، أخرجه ابن ماجه (٢)، فهذا يدل على أن الدعاء بعد أن يخرج من الخلاء مندوب، وحديث الباب يدل على كراهة ذكر الله عَزَّ وَجلَّ على غير طهارة.

قلت: قد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه يذكر الله تعالى في كل أحيانه محدثًا وطاهرًا، وأيضًا أن ذكر الله تعالى بالطهارة أفضل، والذكر على نوعين: إما مختص بوقت أو غير مختص به، فالذكر المختص بالوقت يستحب أن يؤتى به في ذلك الوقت، سواء كان طاهرًا أو محدثًا، فالأذكار التي وردت عقيب الخروج من الخلاء مستحب إتيانها بذلك الوقت، فالأفضل فيه أن يأتي بها عقيب الخروج من الخلاء، وهو وقت الحدث ضرورة.

وأما السلام فإنه ذكر غير مختص بوقت، فإذا سلّم أحدٌ لا يجب ردُّه على الفور، بل يجوز أن يؤخر الجواب إلى أن لا يفوت، فإذا تطهير بالوضوء أو التيمم ثم أجاب يكون آتيًا بالجواب مع الأفضلية، ولكن إذا خاف الفوت


(١) "سنن أبي داود" ح (٣٠).
(٢) "سنن ابن ماجه" ح (٣٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>