إلَّا بقرآن، ولو بفاتحة (١) الكتاب فما زاد)، هذا الحديث يدل على أن مطلق القراءة فرض، وأما تعيين الفاتحة والسورة فليس بفرض.
وأجابوا عنه بوجوه:
الأول: أنه من رواية جعفر بن ميمون، وليس بثقة، كما قال النسائي، وقال أحمد: ليسِ بقوي في الحديث، وقال ابن عدي: يكتب حديثه في الضعفاء، قلت: وثَّقه بعضهم.
قال في "الميزان": قال ابن معين مرة: صالح الحديث، وقال الدارقطني: يعتبر به، وقال ابن عدي: لم أرَ أحاديثه منكرة.
وقال في "تهذيب التهذيب": وقال أبو حاتم: صالح، وقال الدارقطني: يعتبر به، وقال ابن عدي: لم أرَ أحاديثه منكرة، وأرجو أنه لا بأس به، وقال الحاكم في "المستدرك": هو من ثقات البصريين، وذكره ابن حبان وابن شاهين في "الثقات".
والثاني: قالوا أيضًا: قد روى المؤلف هذا الحديث بعده بلفظ: "أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أنادي أن لا صلاة إلَّا بقراءة فاتحة الكتاب فما زاد"، وليست الرواية الأولى بأولى من الثانية.
وهذا الجواب أيضًا غير كاف، فإن للحنفية أن يقولوا: إن النفي فيه نفي الكمال، والحنفية قائلون بأنه لا صلاة كاملًا إلَّا بقراءة فاتحة الكتاب فما زاد، والنفي في الرواية الأولى محمول على الأصل، فلا معارضة في الروايتين، وأما على قولهم يكون الرواية الأولى مطروحة.
قلت: وهذا الجواب على تقدير تسليم صحة الرواية في الحديث الثاني "إلَّا بقراءة فاتحة الكتاب" بإضافة "قراءة" إلى "فاتحة الكتاب"، وأما إذا كانت
(١) وبسط الكلام على الفاتحة ابن العربي. [انظر: عارضة الأحوذي" (٢/ ٤٦)]. (ش).