للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: فَغَمَزَ ذِرَاعِى وَقَالَ: اقْرَأْ بِهَا يَا فَارِسِىُّ فِى نَفْسِكَ, فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «قَالَ اللَّهُ عز وجل: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِى وَبَيْنَ عَبْدِى نِصْفَيْنِ,

===

فهل نقرأ أم لا؟ (قال: فغمز) أي كبس (ذراعي وقال) أبو هريرة: (أقرأ بها) أي بأم القرآن (يا فارسي في نفسك) سرًّا غير جهر، وبه أخذ الشافعي، وهو مذهب (١) صحابي لا يقوم به حجة على أحد، أو معناه في قلبك باستحضار ألفاظها أو معناها أو معانيها دون مبانيها.

(فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول) وفيه دليل على أن أبا هريرة قال هذا القول بطريق الاستدلال (قال الله تعالى: قسمت الصلاة) أي الفاتحة، وسميت صلاة لما فيها من القراءة وكونها جزءًا من أجزائها (بيني وبين عبدي نصفين).

وتتمة الحديث تدل على أن المراد بها فاتحة الكتاب، والتنصيف ينصرف إلى آيات السورة, لأنها سبع آيات، ثلاث ثناء، وثلاث سؤال، والآية المتوسطة نصفها ثناء، ونصفها دعاء، فإذًا ليست البسملة آية من الفاتحة، وقد تمسك أبو حنيفة ومتابعوه بهذا الحديث على أن البسملة ليست من الفاتحة.

قال النووي (٢): وهو من أوضح ما احتجُّوا به، وأجاب أصحابنا وغيرهم ممن يقول: إن البسملة آية من الفاتحة بأجوبة، قال الشوكاني (٣): ولا يخفى أن هذه الأجوبة، منها ما هو غير نافع، ومنها ما هو متعسف.


(١) وأيضًا فليس أمره أمر إيجاب، إذ مذهبه من أدرك الركعة فقد أدرك السجدة، ومن فاته قراءة أم القرآن فقد فاته خير كثير، كذا في "الأوجز" (١/ ٣٠٢)، فقد عبر الفاتحة بالخير، وأيضًا لو كان فرضًا كيف يكون فائته مدرك الفرض، وهو مقدم على رواية البخاري عنه، إذ في سنده نظر. (ش).
(٢) "شرح صحيح مسلم" (٢/ ٣٤٠).
(٣) "نيل الأوطار" (٢/ ٢٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>