للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

أنه سمع أبا السائب مولى هشام بن زهرة يقول: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من صلَّى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن" الحديث، وقد ذكرناه عن قريب وفيه: "فقلت: يا أبا هريرة إني أكون أحيانًا وراء الإِمام، قال: فغمز ذراعي وقال: اقرأ بها في نفسك يا فارسي"، الحديث، والخطاب لأبي السائب، وقال النووي: هذا يؤيد وجوب قراءة الفاتحة على المأموم، ومعناه: اقرأها سرًّا بحيث تسمع نفسك.

قلت: هذا لا يدل على الوجوب, لأن المأموم مأمور بالإنصات لقوله تعالى: {وَأَنْصِتُوا} والإنصات: الإصغاء، والقراءة سرًّا بحيث يسمع نفسه تخل بالإنصات، فحينئذٍ يحمل ذلك على أن المراد تدبر ذلك وتفكره، ولئن سلمنا أن المراد هو القراءة حقيقة، فلا نسلم أنه يدل على الوجوب، على أن بعض أصحابنا استحسنوا ذلك على سبيل الاحتياط في جميع الصلوات، ومنهم من استحسنها في غير الجهرية، ومنهم من رأى ذلك إذا كان الإِمام لحَّانًا.

ومما يؤيد ما ذهب إليه أصحابنا ما أخرجه أبو داود من حديث أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: "إنما جعل الإِمام ليؤتم به" بهذا الخبر، وزاد: "وإذا قرأ فأنصتوا" رواه النسائي وابن ماجه والطحاوي، وهذا حجة صريحة في أن المقتدي لا يجب عليه أن يقرأ خلف الإِمام أصلًا على الشافعي في جميع الصلوات، وعلى مالك في الظهر والعصر.

فإن قلت: قد قال أبو داود عقيب إخراجه هذا الحديث: وهذه الزيادة يعني: "إذا قرأ فأنصتوا" ليست بمحفوظة، الوهم عندنا من أبي خالد، وأبو خالد أحد رواته، واسمه سليمان بن حيان بفتح الحاء وتشديد الياء آخر الحروف، وهو من رجال الجماعة.

وقال البيهقي في "المعرفة" (١): أجمع الحفاظ على خطأ هذه اللفظة،


(١) "معرفة السنن والآثار" (٢/ ٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>