الأخرى على جوازها بلا فاتحة، فنعمل بالحديثين، ولا نهمل أحدهما بأن نقول بفرضية مطلق القراءة، وبوجوب قراءة الفاتحة، وهذا هو العدل في باب إعمال الأخبار.
وأيضًا في حديث أبي داود المذكور أمران:
أحدهما: أن جعفرًا المذكور في سنده هو جعفر بن ميمون فيه كلام حتى صرح النسائي أنه ليس بثقة.
والثاني: أنه يقتضي فرضية ما زاد على الفاتحة, لأن معنى قوله: فما زاد، الذي زاد على الفاتحة، أو بقراءة زيادة على الفاتحة، وليس ذلك مذهب الشافعي.
وقد روى أبو داود من حديث عبادة بن الصامت يبلغ به النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب فصاعدًا"، قال سفيان: لمن يصلي وحده.
قلت: معناه: لا صلاة كاملة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب زائدة على الفاتحة، وقال سفيان هو ابن عيينة أحد رواة هذا الحديث: هذا لمن يصلي وحده، يعني في حق من يصلي وحده، وأما المقتدي فإن قراءة الإِمام قراءة له، وكذا قال الإسماعيلي في روايته: إذا كان وحده، فعلى هذا يكون الحديث مخصوصًا في حق المنفرد، فلم يبق للشافعية بعد هذا دعوى العموم، وحديث عبادة هذا أخرجه البخاري كما ذكر وليس فيه لفظة: فصاعدًا.
فإن قلت: قال البخاري في "كتاب القراءة خلف الإِمام": وقال معمر عن الزهري: فصاعدًا، وعامة الثقات لم تتابع معمرًا في قوله: فصاعدًا.
قلت: هذا سفيان بن عيينة قد تابع معمرًا في هذه اللفظة، وكذلك تابعه فيها صالح والأوزاعي وعبد الرحمن بن إسحاق وغيرهم كلهم عن الزهري.
فإن قلت: أخرج أبو داود عن القعنبي عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن