صحيحين بسندين، ويمكن أن يكون حكمه بالصحة مبنيًا على أن لهذا الحديث شاهدًا.
قال الشارح في "درجات مرقاة الصعود": أخرج البيهقي (١) من طريق يحيى بن المتوكل البصري، عن ابن جريج، عن الزهري، عن أنس:"أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لبس خاتمًا نقشه محمد رسول الله، فكان إذا دخل الخلاء وضعه"، وابن المتوكل هذا ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الحافظ في "التقريب": صدوق يخطئ، وقال ابن معين: لا أعرفه.
فلما تعاضدت رواية همام برواية يحيى بن المتوكل - ولعله عند الترمذي ثقة - حكم بصحته، نعم يشكل على هذا حكم الترمذي بأنه غريب، اللهُمَّ إلَّا أن يقال: إن حكم الصحة لغيره، والغرابة مبنية على الاختلاف في يحيى بن المتوكل، فعلى رأي من وثقه حكم بالصحة، وأما على رأي من ضعفه كابن المديني والنسائي وابن معين فحكم بالغرابة, لأن وجوده كما لعدم.
وأما رواية ابن جريج عن زياد بن سعد، عن الزهري، عن أنس "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اتخذ خاتمًا من ورق ثم ألقاه"، فأنكرها المحدثون وقالوا: هذا وهم من الزهري، إذ الذي ثبت من طرحه - صلى الله عليه وسلم - خاتمه فإنما هو خاتم ذهب لا خاتم فضة، وكان خاتم فضة عنده - صلى الله عليه وسلم - إلى آخر عمره الشريف، ثم عند أبي بكر كذلك، ثم عند عمر كذلك، ثم عند عثمان حتى سقط في زمانه في "بئر أريس"، فهذا الوهم ليس من همام بل من الزهري، ولعل همامًا أراد أن يصحح الرواية التي أنكرها المحدثون يحمل الإلقاء على إلقائه ووضعه عند قضاء الحاجة، لا على الإلقاء تحريمًا له، حتى يلزم الخلاف،