للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

فقول أبي داود: "وهذا حديث منكر" لا يكاد يصح على المذهبين، لأن همامًا ثقة حافظ، روى له الشيخان واحتجَّا به فليس بضعيف، ولا ممن يطعن بفحش الغلط، أو كثرة الغفلة، أو الجهالة، أو ظهور الفسق، فلا يكون حديثه منكرًا على المذهبين، نعم لو قال أبو داود: وهذا حديث مدلس لكان له وجه؛ لأن أصحاب ابن جريج رووا عن ابن جريج بزيادة واسطة بينه وبين الزهري وخالفهم همام فحذفه.

وقوله: "والوهم فيه من همام" مراده بذلك أن أصحاب ابن جريج أخرجوا بهذا السند، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اتخذ خاتمًا من ورق ثم ألقاه، فغَيَّرَ همام وقلب هذا المتن بمتن آخر، وهو "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل الخلاء وضع خاتمه"، فهذا هو الوهم الذي وقع في الحديث من همام.

وهذه الدعوى أيضًا لا دليل عليها، بل يمكن أن يكون هذان حديثين مختلفين مرويين بهذا السند كما قال في "درجات مرقاة الصعود" (١): ولا مانع أن يكون هذا متنًا آخر في ذلك المتن، وقد مال إليه ابن حبان فصحَّحهما معًا، فلا علة له عندي إلَّا تدليس ابن جريج، فإن وجد عنه تصريحه بالسماع فلا مانع من الحكم بصحته في تنقيده، انتهى.

وأما قول الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح غريب"، فلعل حكمه بالصحة يكون مبنيًا على أن يكون المتنان عند الترمذي بسندين مختلفين، ويكون المتن الأول عنده بدون واسطة زياد بن سعد، ولم يكن بين ابن جريج والزهري في رواية ذلك المتن واسطة، ويكون المتن الثاني مرويًا بزيادة زياد بن سعد بين ابن جريج والزهري، فيكون الحديثان عند الترمذي


(١) (ص ١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>