قَالَ الْقَعْنَبِيُّ: عن سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيَّ عن أَبِي هُرَيْرَةَ: وَقَالَ في آخِرهِ: "فَإِذَا فَعَلْتَ هَذَا فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُكَ، وَمَا انْتَقَصْتَ مِنْ هَذَا شَيْئًا، فَإنَّمَا انْتَقَصْتَهُ مِنْ صَلَاتِكَ"
===
فإن قيل: لم يذكر فيه كل الواجبات من المجمع عليها كالنية والتشهد والقعود الأخير، وترتيب أركان الصلاة، والمختلف فيه كالتشهد الأول والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فالجواب أن الواجبات المجمع عليها كانت معلومة عند السائل، فلم يحتج إلى بيانها.
(ثم افعل ذلك) أي ما ذكر بما يمكن تكريره، فخرج نحو تكبيرة الإحرام (في صلاتك كلها) أي في كل الركعات منها، استدل الشافعية بهذه الجملة على فرضية القراءة في الركعات كلها، والجواب عنه أن هذا اللفظ لو يحمل على عمومه يلزم وجوب تكبيرة الافتتاح في الركعات كلها ووجوب جلسة الاستراحة وغيرها، فما كان جوابهم عنها فهو جوابنا عن هذا.
"قال أبو داود" كما في نسخة: (قال القعنبي: عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة، وقال في آخره: فإذا فعلت هذا) أي ما ذكر من الأفعال (فقد تمت صلاتك، وما انتقصت من هذا) أي من الواجبات لا من الأركان (شيئًا، فإنما انتقصته من صلاتك).
وهذا الكلام يدل على أن ما ذكر قبل من قوله: فإنك لم تصل، فنفي الصلاة فيه محمول على نفي الكمال، فإن وقوع النقص في الصلاة لا يستلزم بطلانها، وقد استدل الصحابة بهذا اللفظ على نفي الكمال، فقال رفاعة (١): وكان أهون عليهم من الأول أنه من انتقص من ذلك انتقص من صلاته ولم تذهب كلها.
(١) كما في رواية الترمذي في "باب ما جاء في وصف الصلاة"، وهو بعينه ما قالته الحنفية من أنها لم تذهب كلها. (ش).