قال همام: وربما قال) إسحاق: (جبهته) موضع وجهه (من الأرض، حتى تطمئن مفاصله وتسترخي) أي تلين (ثم يكبر فيستوي قاعدًا على مقعده وبقيم صلبه) أي في الجلسة بين السجدتين (فوصف) أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (الصلاة هكذا أربع ركعات حتى فرغ) من بيان الصلاة، ثم قال:(لا تتم صلاة أحدكم حتى يفعل ذلك).
قلت: وهذا الحديث يدل على أن قراءة القرآن واجبة في الركعات كلها، والمذهب على خلاف ذلك، واختلف في محل القراءة المفروضة، فمحلها الركعتان الأوليان عينًا في الصلاة الرباعية، هو الصحيح من مذهب أصحابنا، وقال بعضهم: ركعتان منها غير عين، وإليه ذهب القدوري، وقال الحسن البصري: المفروض هو القراءة في ركعة واحدة، وقال مالك: في ثلاث ركعات، وقال الشافعي: في كل ركعة.
احتج الحسن بقوله:{فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} , والأمر بالفعل لا يقتضي التكرار، فإذا قرأ في ركعة واحدة فقد امتثل أمر الشرع، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا صلاة إلَّا بقراءة"، وقد وجدت القراءة في ركعة، فثبتت الصلاة ضرورة.
وبهذا يحتج الشافعي إلَّا أنه يقول: اسم الصلاة يطلق على كل ركعة، فلا تجوز كل ركعة إلَّا بقراءة، بقوله عليه السلام:"لا صلاة إلَّا بقراءة"، ولأن القراءة في كل ركعة فرض في النفل، ففي الفرض أولى, لأنه أقوى، ولأن القراءة ركن من أركان الصلاة، ثم سائر الأركان من القيام والركوع والسجود فرض في كل ركعة، فكذا القراءة.