للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال ابن الهمام عن الحلواني: إنه ذكر عن أصحابنا: يكره أن يتخذ في المسجد مكانًا معينًا يصلي فيه, لأن العبادة تصير له طبعًا فيه، وتثقل في غيره، والعبادة إذا صارت طبعًا فسبيلها الترك، ولذا كره صوم الأبد، انتهى، فكيف لمن اتخذه لغرض فاسد، انتهى.

وفي "النهاية": قيل: معناه أن يألف الرجل مكانًا معلومًا من المسجد مخصوصًا به يصلي فيه، كالبعير لا يأوي عن عطن إلَّا إلى مبرك دمث قد أوطنه واتخذه مناخًا.

قال ابن حجر: وحكمته أن ذلك يؤدي (١) إلى الشهرة والرياء والسمعة والتقيد بالعادات والحظوظ والشهوات، وكل هذه آفات أي آفات، فتعين البعد عما أدى إليها ما أمكن، انتهى "علي قاري" (٢).

قلت (٣): وعندي في النهي عن توطين الرجل مكانًا معينًا في المسجد وجه آخر، وهو أنه إذا وطن المكان المعين في المسجد يلازمه، فإذا سبق إليه غيره يزاحمه ويدفعه عنه، وهو لا يجوز لقوله عليه السلام: "لا، مني مناخ من سبق" (٤)، فكما هو حكم مني، فهو حكم المسجد، فمن سبق إلى موضع منه فهو أحق به.

فعلى هذا لو لازم أحد أن يقوم خلف الإِمام قريبًا منه لأجل حصول الفضل، وسبق إليه من القوم أحد، لا يزاحمه ولا يدافعه، فلا يدخل في هذا النهي.


(١) وهكذا جمع العيني بينه وبين حديث عتبان. (ش).
(٢) "مرقاة المفاتيح" (٢/ ٣٢٦).
(٣) قلت: ويحتمل أن يكون الحديث بمعنى حديث: نهى عن إيطان المساجد، كما نقله ابن رسلان، فيكون النهي عن توطين المسجد، وذكر المكان المخصوص اتفاقي. (ش).
(٤) أخرجه أبو داود (٢٠١٩)، والترمذي (٨٨١)، وابن ماجه (٣٠٠٦ - ٣٠٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>