للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ". [م ٤٨٢، ن ١١٣٧، حم ٢/ ٤٢١، ق ٢/ ١١٠]

===

(فأكثروا الدعاء)، وهذا لأن حالة السجود تدل على غاية تذلل واعتراف بعبودية نفسه وربوبية ربه، فكان مظنة الإجابة، فأمرهم بإكثار الدعاء في السجود.

وقال النووي (١): وفيه دليل لمن يقول: إن السجود أفضل من القيام وسائر أركان الصلاة.

وفي هذه المسألة ثلاثة مذاهب:

أحدها: أن تطويل (٢) السجود وتكثير الركوع والسجود أفضل، حكاه الترمذي والبغوي عن جماعة.

والمذهب الثاني: مذهب الشافعي وجماعة أن تطويل القيام أفضل لحديث جابر في "صحيح مسلم": أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: "أفضل الصلاة طول (٣) القنوت"، والمراد بالقنوت القيام، ولأن ذكر القيام القراءة، وذكر السجود التسبيح، والقراءة أفضل، ولأن المنقول عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يطول القيام أكثر من تطويل السجود.

والمذهب الثالث: أنهما سواء، وتوقف أحمد بن حنبل في المسألة ولم يقضِ فيها بشيء، وقال إسحاق بن راهويه: أما في النهار فتكثير الركوع والسجود، وأما في الليل فتطويل القيام، إلَّا أن يكون للرجل جزء بالليل يأتي عليه، فتكثير الركوع والسجود أفضل, لأنه يقرأ جزءه ويربح كثرة الركوع والسجود، انتهى، "علي القاري" (٤).

واعلم أنه قد تقدم من حديث عقبة بن عامر قال: "لما نزلت: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ}، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اجعلوها في ركوعكم، فلما نزلت: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} قال: اجعلوها في سجودكم"، فهذا بظاهره يخالف الأحاديث التي وردت في الدعاء في السجود.


(١) "شرح صحيح مسلم" (٢/ ٤٤١).
(٢) وقد بوَّب الترمذي لكثرة الركوع والسجود مستقلًا. (ش).
(٣) وسيأتي بلفظ القيام في "باب افتتاح صلاة الليل بركعتين". (ش).
(٤) كذا في الأصل، والظاهر حذفه.

<<  <  ج: ص:  >  >>