وأبو بكر يؤم الناس، وترجيل عائشة شعره وهو في معتكفه، وهي في بيتها، لكن سبق أيضًا ما يقتضي أن الباب كان مستقبل الشام، وهو ضعيف أو مؤول، أما ضعفه فلما تقدم من أن بيت فاطمة -رضي الله تعالى عنها - كان ملاصقًا له من جهة الشام، وأما تأويله (١) فبأحد الأمرين:
أحدهما: حمله على أنه باب شرعته عائشة لما ضربت حائطًا بينها وبين القبور المقدسة بعد دفن عمر -رضي الله تعالى عنه - لا أنه الباب الذي كان في زمنه - صلى الله عليه وسلم -، وفيه بعد.
وثانيهما: أنه كان له بابان، إذ لا مانع من ذلك، انتهى ملخصًا.
وهذه التقارير كلها يرد ما وقع في حديث أبي داود من أن الباب كان في القبلة.
ثم رأيت في "وفاء الوفاء": وكان بيت حفصة بنت عمر -رضي الله عنهما- ملاصقًا لبيت عائشة -رضي الله عنها - من جهة القبلة.
ونقل ابن زبالة فيما رواه عن عبد الرحمن بن حميد وعبيد الله بن عمر بن حفص وأبي سبرة وغيرهم أنه كان بين بيت حفصة وبين منزل عائشة -رضي الله عنهما- الذي فيه قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -طريق، وكانتا يتهاديان الكلام وهما في منزليهما من قرب ما بينهما.
فهذا الكلام يدل على أنه كان بين منزليهما طريق، فلا بد أن يكون في الجدار المشتركة بينهما باب، فلعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي في منزل عائشة -رضي الله تعالى عنها -، وكان هذا الباب مسكوكًا، فجاءت عائشة من هذا الباب، وهذا هو الجواب عن هذا الإشكال، والله تعالى أعلم.
(١) وأجاب عنه الوالد المرحوم في "الكوكب الدري" (١/ ٤٧٣)، فأجاد بأنه ليس المراد في جدار القبلة بل قدامه وأمامه، يعني لم يكن خلفه، فمشى عليه السلام قدامه، فلما حاذى الباب وهو في جانبه اليمين مال إلى اليمين وفتح الباب. (ش).