للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: "مَا فَعَلْتَ في الَّذِي أَرْسَلْتُكَ؟ فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أُكَلِّمَكَ إِلَّا أَنِّي (١) كُنْتُ أُصَلِّي". [م ٥٤٠، حم ٣/ ٣٣٨]

===

(قال) جابر أو غيره من الرواة: (فلما فرغ) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الصلاة (قال: ما فعلت في الذي) أي في الأمر الذي (أرسلتك) له؟ (فإنه) الضمير للشأن (لم يمنعني أن أكلمك) أي من الكلام (إلَّا أني كنت أصلي) وفي رواية مسلم: فلما انصرف قال: "إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلَّا أني كنت أصلي". وهذا كالصريح في أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يرد على جابر السلام لا إشارة ولا لفظًا فتقييده بالكلام غير سديد.

ويؤيده ما ورد في رواية البخاري في حديث جابر: فسلمت عليه فلم يرد علي، فوقع في قلبي ما الله أعلم به، فقلت في نفسي: لعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجد علي أني أبطأت عليه، ثم سلمت عليه فلم يرد علي، فوقع في قلبي أشد من المرة الأولى، ثم سلمت عليه فرد علي، فقال: "إنما منعني أن أرد عليك أني كنت أصلي"، فلو كانت إشارته - صلى الله عليه وسلم - لرد السلام لم يقع في قلب جابر من الغم والكرب ما وقع عليه، وأيضًا لما رد عليه - صلى الله عليه وسلم - بالإشارة لم يحتج أن يرد عليه بعد الفراغ من الصلاة، فهذا يرشدك أن الإشارة لم تكن لرد السلام، وللطحاوي في هذا البحث كلام طويل (٢).

وقال العيني في "شرح البخاري" (٣): وحكى ابن بطال الإجماع على أنه لا يرد السلام نطقًا، واختلفوا أيرد إشارة؟ فكرهه طائفة، روي ذلك عن ابن عمر وابن عباس، وهو قول أبي حنيفة والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور، ورخص فيه طائفة، روي ذلك عن سعيد بن المسيب وقتادة والحسن، وعن مالك روايتان: في رواية أجازه، وفي أخرى كرهه، وعند طائفة: إذا فرغ من الصلاة يرد.


(١) وفي نسخة: "أنني".
(٢) انظر: "شرح معاني الآثار" (١/ ٤٤٣).
(٣) "عمدة القاري" (٥/ ٦٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>