للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَا شَأنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ؟ قَالَ: فَجَعَلُوا يَضْرُبونَ بِأَيْدِيهِمْ (١) عَلَى أَفْخَاذِهِمْ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُمْ يُصَمِّتُونِي- قَالَ عُثْمَانُ: فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُسَكِّتُونِي لَكِني سَكَتُّ- فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - بِأَبِي وَأُمي- مَا ضَرَبَني وَلَا كَهَرَنِي وَلَا سَبَّنِي، ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَحِلُّ فِيهَا شَئٌ مِنْ كَلامِ النَّاسِ

===

(ما شأنكم) أي حالكم وأمركم (تنظرون إليَّ) نظر الغضب؟ (قال: فجعلوا) أي شرعوا (يضربون بأيديهم) زيادة في الإنكار عليّ (على أفخاذهم) وفيه دليل على أن الفعل القليل لا يبطل الصلاة (فعرفت) بنظرهم إليَّ غضبًا وضربهم أفخاذهم (أنهم يُصَمِّتوني) أي: يسكِّتونني.

(قال عثمان: فلما رأيت يُسَكِّتوني) غضبت وتغيرت، وهذا اللفظ مختص برواية عثمان ولم يذكره مسدد (لكنى (٢) سكت) أي لم أعمل بمقتضى الغضب، ولم أسأل عن السبب؛ لأنهم أعلم مني.

(فلما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي فرغ عن الصلاة (بأبي وأمي) أي هو مفدّى بأبي وأمي (ما ضربني ولا كهرني) أي: ولا انتهرني (ولا سبني) وهذا جزاء لقوله: فلما صلى (ثم قال: إن هذه الصلاة) إشارة إلى جنس الصلاة (لا يحل (٣) فيها شيء من كلام الناس).

قال القاضي: أضاف الكلام إلى الناس ليخرج منه الدعاء والتسبيح والذكر، فإنه لا يراد بها خطاب الناس وإفهامهم، وإطلاق الحديث دليل لنا في أن الكلام مطلقًا يبطل الصلاة، وأما قولهم: لو كان مبطلًا للصلاة لأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالإعادة ولم يأمره به، وإنما علمه أحكام الصلاة، فالجواب عنه بأن عدم حكايته الأمر بالإعادة لا يستلزم العدم، وغايته أنه لم ينقل إلينا.


(١) وفي نسخة: "أيديهم".
(٢) وقيل: لكن لمجرد التأكيد. (ش).
(٣) وعلم منه أن الدعاء غير المناسب يسمى كلام الناس، ولذا قال الحنفية والحنابلة: إن الدعاء باللَّهم ارزقني جميلةً يفسدها. (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>