للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: "فَلَا تَأتِهِمْ"، قَالَ: قُلْتُ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَتَطَيَّرُونَ. قَالَ: "ذَلِكَ شَيءٌ يَجِدُونَهُ في صُدُورِهِمْ فَلا يَصُدَّهُمْ" قَالَ: قُلْتُ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَخُطُّونَ.

===

(قال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (فلا تأتهم) وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أتى عرافًا أو كاهنًا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما نزل على محمد"، رواه الإِمام أحمد (١) بسند صحيح عن أبي هريرة.

(قال) أي معاوية: (قلت) لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ومنا رجال يتطيرون) في "النهاية" (٢): الطيرة بكسر الطاء وفتح الياء وقد تُسَكَّن: هي التشاؤم بالشيء، وهو مصدر تَطَيَّر طِيرَةً كما تقول: تخير خيرة، ولم يجئ من المصادر غيرهما هكذا، قيل: وأصل التطير التفاؤل بالطير، واستعمل لكل ما يتفاءل به ويتشاءم، وقد كانوا يتطيرون بالصيد كالطير والظبي، فيتيمنون بالسوانح ويتشاءمون بالبوارح، والبوارح من الصيد ما مر من ميامنك إلى مياسرك، والسوانح ضدها، وكان ذلك يصدهم عن مقاصدهم، ويمنعهم عن السير إلى مطالبهم، فنفاه الشرع وأبطله، ونهاهم عنه وأخبرهم أنه لا تأثير له.

(قال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ذاك) أي التطير (شيء يجدونه في صدورهم) (٣) أي هذا وهم ينشأ من نفوسهم ليس له تأثير في اجتلاب نفع أو دفع ضرر، وإنما هو شيء يُسَوِّلُه الشيطان ويُزَيِّنُه حتى يعملوا بقضيته ليجرهم بذلك إلى اعتقاد مؤثر غير الله تعالى، وهو كفر صريح بإجماع العلماء (فلا يصدهم) أي لا يمنعهم التطير من السعي في مقاصدهم, لأنه لا يضرهم ولا ينفعهم ما يتوهمونه.

(قال) أي معاوية: (قلت) لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ومنا رجال يخطون) ويستدلون بها على المغيبات ويعرفون بها الكوائن في المستقبل.


(١) "مسند أحمد" (٢/ ٤٢٩).
(٢) (ص ٥٧٤).
(٣) قلت: ويحتمل أن يكون المعنى أن وجدانه في النفوس أمر طبيعي، لكن المأمور به أن لا يصدهم عن مقصدهم. (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>