للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَأَتَيْتُهُ فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي جَالِسًا، فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَى رَأْسِي، فَقَالَ: "مَا لَكَ يَا عَبْدَ الله بْنَ عَمْرٍو؟ " قلت: حُدِّثْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَّكَ قُلْتَ: "صَلَاةُ الرَّجُلِ قَاعِدًا نِصْفُ الصَّلَاةِ"، وَأَنْتَ تُصَلِّي قَاعِدًا؟ قَالَ؟ "أَجَلْ، وَلَكِنِّي لَسْتُ كَأَحَدٍ مِنْكُمْ". [م ٧٣٥، ن ١٦٥٩، جه ١٢٢٩، دي ١٣٨٤، ط ١/ ١٣٦/ ١٩]

===

قاعدًا ركع قاعدًا: فيه جواز التنفل قاعدًا، وكذلك جواز الركعة الواحدة بعضها من قيام، وبعضها من قعود، وهو مذهبنا ومذهب مالك وأبي حنيفة وعامة العلماء، سواء قام ثم قعد أو قعد ثم قام، ومنعه بعض السلف، وهو غلط.

(فأتيته فوجدته يصلي جالسًا، فوضعت يدي على رأسي) (١) وفي نسخة: على رأسه (٢) بضمير الغائب، وهكذا في رواية مسلم بضمير الغائب (فقال) أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مالك) أي ما شأنك وما عرض لك (يا عبد الله بن عمرو؟ قلت: حُدِّثْتُ يا رسول الله أنك قلت: صلاة الرجل قاعدًا نصف الصلاة، وأنت تصلي قاعدًا؟ ) أي كيف اخترت نقصان الأجر مع شدة حرصك على تكثيره؟

قال النووي (٣): وهذا الحديث محمول على صلاة النفل قاعدًا مع القدرة على القيام، فهذا له نصف ثواب القائم، وأما إذا صلى النفل قاعدًا لعجزه عن القيام، فلا ينتقص ثوابه، بل يكون ثوابه كثوابه قائمًا، وأما الفرض فإن صلاته قاعدًا مع قدرته على القيام لم يصح فلا يكون فيه ثواب، بل يأثم به، قال أصحابنا: وإن استحله كُفِّرَ، وجرت عليه أحكام المرتدين، وبه قال الجمهور في تفسير هذا الحديث، انتهى ملخصًا.

(قال) أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أجل) أي نعم قلت ذلك، ولكن هذا الحكم مختص بالأمة (ولكني لست كأحد منكم) فصلاتي النافلة قاعدًا في تمام الأجر


(١) تعجبًا. (ش).
(٢) والظاهر أن الضمير إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال ابن رسلان: ويحتمل أن يكون مجيئه في الليل، ولم تكن مصابيح، فوقع يده على رأسه، كما يدل عليه قول مالك ... إلخ. (ش).
(٣) "شرح صحيح مسلم" (٣/ ٢٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>